التقرير الذي صدر مؤخراً من المجلس الأطلسي الأمريكي عن تدخلات الولايات المتحدة الأمريكية في البحرين، يحتاج من المسؤولين في الإدارة الأمريكية إلى الاطلاع عليه ومراجعته بدقة وإعادة تقييم لمستوى تعامل هذه الإدارة مع دولة صديقة وحليفة قدية مثل مملكة البحرين.
المجلس الأطلسي الأمريكي - وهو مؤسسة بحثية مؤثرة في مجال السياسة الدولية مقرها واشنطن- أكد في تقريره الذي أطلق عليه اسم «حقائق البحرين المزعجة»، على مجموعة من النقاط الهامة ومنها: أن المسؤولين الأمريكيين غافلون عن حقيقة الوضع في البحرين، وأن على الحكومة الأمريكية أن تتفهم بصورة أفضل مدى التأثير الإيراني في البحرين، ووجود خلايا إيرانية نائمة تسبب الاضطرابات في المملكة، وقد دعا المجلس الحكومة الأمريكية إلى إعادة النظر في سياستها تجاه البحرين ومساعدتها على تعزيز مشروعها الإصلاحي بدلاً من التدخل في شؤونها الداخلية.
هذا التقرير الذي أعده المجلس جاء في أعقاب ردود أفعال وانتقادات إلى البحرين بعد قرار القضاء حل جمعية الوفاق، وهو ما يبين وبوضوح التعامل الصحيح المفترض من الإدارة الأمريكية مع البحرين، ودعوتها وبصراحة لدعم ومساعدة المملكة فيما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها واستقرارها، وهي دعوة منصفة للبحرين جاءت بعد قناعة من المجلس واقتناع منه لحقيقة ما يجري في البحرين.
المجلس تبنى في تقريره الموافقة على ما تقوم به المملكة من حفظ أمنها واستقرار البلد الذي وضع مصلحته الوطنية ومصلحة شعبه فوق أي اعتبار، ولم يأتِ ذلك من فراغ، بل بعد اطلاع عن قرب على حقيقة الأوضاع بالبحرين، فأدرك هذا المجلس ما يراد بالمملكة من شر مستطير تقوده منظمات مثل جمعية الوفاق والمحسوبين عليها والتي لا تريد خيرا للوطن ولا لأهله.
الإدارة الأمريكية مطالبة بموقف داعم للبحرين وليس النقيض، وألا تتعامل بردود فعل عقيمة تجاه حقيقة الأوضاع في البحرين، وهي سياسة لا تجلب سوى التنافر وهو ما أكده بلال صعب مدير مبادرة الأمن والسلام في الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي الأمريكي الذي استشهد بأحداث 2011 وكيفية تعامل واشنطن مع تلك الأحداث، مؤكداً أنه تعامل أضر بالعلاقات الأمريكية البحرينية وسبب التنافر من الإدارة الأمريكية لكلا الطرفين في البحرين، الحكومة وما أسماهم بالمعارضة.
ما صرح به بلال صعب ليس اعتقادات أو تخمينات أو اجتهادات شخصية، بل حقيقة وواقع، وذلك إثر زيارته للمملكة، والتقائه بمسؤولين حكوميين ودبلوماسيين أمريكيين وبحرينيين ومسؤولين بالجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني، أي أن هذا الرجل «وضع رجله» على أرض البحرين، وتعرف على حقيقة ما يجري فيها عن قرب، وليس بناء على تقارير مشوهة أو مضللة تصله من أطراف لا مصداقية لهم، أو من أشخاص أساءوا استغلال مساحة الثقة الممنوحة لهم لخدمة أغراض لا تصب في صالح البحرين وشعبها، لذلك خرج بلال صعب بنتائج أنصف من خلالها البحرين عندما أشاد بإصلاحاتها، وبوصفه المجتمع البحريني أحد أكثر المجتمعات انفتاحاً في العالم العربي.
بلال صعب الذي زار البحرين، أكد أن الوفاق وعيسى قاسم والمحسوبين عليهما ليسوا مصلحين أو أبطالاً للديمقراطية وليسوا سلميين ولا مفاوضين عقلانيين كما يدعون أو تصفهم الإدارة الأمريكية بل هم - كما وصفهم صعب - عقائديون ويتبنون وجهات منظر متشددة بشأن السياسة والمجتمع البحريني، ويؤكدون «من خلف الأبواب» أن ولاءهم لإيران، ويواصلون الدعوة إلى إسقاط النظام بالعنف، كما اتهم صعب نشطاء المعارضة أمثال عبدالهادي الخواجة ونبيل رجب بإلحاق ضرر فادح بالمصالحة الوطنية وعملية الحوار بين الحكومة والمعارضة، وأن الأسلحة التي صادرتها السلطات البحرينية خلال السنوات الخمس الماضية دحضت تماماً ادعاء أن أحداث 2011 وما تلاها من السنوات كانت تحركاً سلمياً.
ما احتاجه صعب حتى يصل إلى تلك النتائج هو زيارة للبحرين، وهو ما يحتاجه المسؤولون في الإدارة الأمريكية حتى يتعرفوا على حقيقة الأوضاع في البحرين، وسيصلون بالتالي إلى نفس النتائج التي وصل إليها صعب، إن كانوا يبحثون عن المصداقية والحقيقة والواقع البحريني.