لم تكن مواقف المترشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب جديدة خلال مؤتمره الذي أقامه نهاية الأسبوع الماضي، وتحدث فيه حول ملامح السياسة الخارجية التي يعتزم التمسك بها في حال فوزه بعرش البيت الأبيض.
ترامب تحدث بصراحته المعهودة، واتهم إدارة الرئيس أوباما بأنها وراء الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط، وأنها وراء تأسيس تنظيم داعش الإرهابي، كما انتقد بشدة الاتفاق النووي الإيراني الذي اعتبره مضراً بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية، وأن واشنطن خاسر كبير فيه.
ليست هذه المعلومات بجديدة لدى المتابع لشؤون السياسة الخارجية في المنطقة، لكن السياسة لا يحددها شخص الرئيس، بل تحددها اللوبيات النشطة المختلفة هناك، بالتالي لا يمكن للرئيس المحتمل ترامب أن ينهي الاتفاق النووي بجرة قلمه الفاخر، خصوصاً وأن الاتفاق فيه عدد من الدول الأوروبية الأخرى التي تشترك مع واشنطن في المصالح داخل إيران.
أما بالنسبة لتنظيم داعش الذي ساهمت واشنطن في تأسيسه، وأكد ذلك المترشح الرئاسي نفسه، فإن ثابتاً من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية دعم وجود عدو افتراضي يتيح لواشنطن توجيه تفاعلات سياستها الخارجية حوله إقليمياً في الشرق الأوسط أو حتى دولياً على مستوى العالم. شاهدنا ذلك في السوفييت سابقاً، ثم حزب البعث وصدام حسين لاحقاً، إلى أن جاء تنظيم القاعدة، بعدها تنظيم داعش، والمسألة لن تتوقف، حتى إن استطاعت الولايات المتحدة مع حلفائها الدوليين القضاء على داعش وتحجيم نفوذه، فإن هناك تنظيمات أخرى ستظهر، وإن لم تظهر ستتحول المسألة إلى مواجهة حكومة أو نظام سياسي معين. هكذا هي السياسة الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ولا يتوقع أن تتغير بهذه البساطة كما يسعى رئيس الكراهية.
المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لن تتغير، وليس معلوماً جدية الإدارة الجديدة التي ستتولى سدة الحكم في البيت الأبيض في إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة بعد أن استقرت فيها الفوضى.
والمتغير الأكبر هم الحلفاء الجدد للولايات المتحدة الذين غيرتهم إدارة الرئيس أوباما لأول مرة بعد أكثر من نصف قرن، ولا يتوقع أن تكون هناك تغييرات جذرية في هذه المسألة. بمعنى أن الرئيس الجديد سواءً كان ترامب أو كلينتون لن يقوم بتغيير الحلفاء الجدد للولايات المتحدة، ونقصد فيهم طهران وتنظيماتها الحليفة والحكومات العربية التابعة لها في المنطقة.
المترشح الرئاسي دونالد ترامب الملقب برئيس الكراهية إعلامياً يرغب بتغيير جذري في السياسة الخارجية الأمريكية، لكن من المستبعد أن يتحقق ذلك بالأسلوب العفوي الذي يتطلع له.