المرء يستطيع أن يغير سلوكه واتجاهاته وربما عقيدته، إلا أنه لا يستطيع أن يغير أبواه أو جنسه أو لونه وعرقه، لذلك من المحزن أن يضطهد شعب بسبب لونه وعرقه، ومن المخجل أن تتجرد الإنسانية ونحن في عصر الفضاء والتكنولوجيا في أن تجاهر بعض الشعوب بالتمييز العنصري، فمازالت بعض الشعوب رغم أنها تعد من الدول العظمى والتي هي بمثابة القدوة والمثل الأعلى في التطور والتنمية وحتى في التعامل، مازالت هذه الشعوب متمسكة بالفكر العنصري البغيض في تمييزهم للأعراق والألوان.
تاريخ الاتجار بالبشر وقضية العبودية والتمييز العنصري التي اشتهرت به أوروبا وأمريكا معروفة منذ زمن بعيد، فعبر استكشاف القارات كانت بداية العبودية والاتجار بالبشر، الاستكشافات هذه كانت ستار للنهب والسلب والقتل والاستعمار واختطاف البشر خصوصاً من القارة الأفريقية والاتجار بهم كعبيد مجردين من أقل الحقوق، بل كانوا جزءاً من الورث تتوارثهم الأجيال، عبودية مطلقة، صحيح أن تجارة الرقيق تلاشت إلا أن العنصرية في أمريكا مازالت متفشية وتمثل ظاهرة واسعة لا تستطيع الحكومة الأمريكية أن تتستر عليها بعد أن أصبح الفضاء واحداً والعالم قرية صغيرة، الناس «المغشوشة» تعتقد بأن التطور العلمي وانتشار المنظمات الحقوقية كفيلة بأن تقضي على العنصرية والتمييز العرقي ولكن أمريكا وهي الدولة التي تراقب الدول وتتدخل في شؤونهم وتحشد كل إمكاناتها لنصرة مصالحها مازال شعبها يعاني من العنصرية خصوصاً ذوو العرق الأفريقي، ومازالت الأحقاد دفينة بل واضحة منذ بداية حروبهم مع السكان الأصليين – الهنود الحمر – وتجريدهم من حقوقهم وهم أصحاب هذه الأرض، فهذه الحروب وتجارة الرقيق والتمييز العنصري أصبحت مثل العرف الذي يسري في دماء قادتهم، لذلك لا صديق لديهم غير المصلحة.
لا ننكر أن تجارة الرقيق كانت منتشرة عند العرب قبل الإسلام، ولكنها تلاشت بعدما حرم المولى عز وجل العبودية وأبغضها رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم «لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى» دليل قاطع على المساواة فالدين الإسلامي دين يعلم ويهذب المسلم حتى في المعاملات والتعامل بين الناس، فالرسول وصحبه كانوا أسوتنا في كل شيء وأول مظهر من مظاهر المساواة وعدم الاكتراث باللون والعرق هو عتق بلال رضي الله عنه وقربه من الرسول بعدما كان عبداً مهاناً عند كفار قريش، فديننا الإسلامي يحكمنا ولا يجردنا من الإنسانية بسبب العرق او اللون كما تفعله بعض الشعوب.
المجتمعات الدولية ومنها الشعب الأمريكي، كانوا يظنون بأن التمييز العنصري سيتلاشى مع انتخاب أول رئيس ذو عرق أفريقي رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن السياسة العنصرية مازالت سادية ومتفشية وتمثلت في جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والسكن، فالحوادث والجرائم التي ارتكبت في حق السود مازالت منتشرة وبكثرة مع بالغ الأسف، فالاضطهاد يمارسه من يمثل القانون والعدل، حتى في رئاسة باراك أوباما.
الحكومة الأمريكية تفرض على بعض الدول سيداتها ولكنها لا تستطيع أن تمسك زمام شعبها وتوحد طاقاتهم أو تساوي بينهم، فالأبيض والأسود عندهم كلا بقدره – درجات – لا مساواة بل اضطهاد واضح، فالعجب كل العجب من تبجح أمريكا وتدخلها السافر في منطقتنا وشعبها أولى بهذه الطاقة، ولكن للتاريخ دروساً وعضة وعبر فلو دامت القوة والهيبة للإمبراطورية الفارسية لما وصلت لأمريكا، فمن القبح أن ينادوا بالحقوق وهم عبر التاريخ سلبوا شعوب كثيرة الحقوق والحريات والمساواة، فالعنصرية لها لون واحد فقط تمارسه أمريكا بين شعبها.