أحداث الانقلاب الدراماتيكي في تركيا كانت مفاجئة للغاية، ولكن النتيجة لن تكون مفاجئة مادام الدرس الذي يمكن استخلاصه من هذا الانقلاب طبيعياً، وتؤكد لنا أهمية ما حدث في انقلاب البحرين 2011.
البحرين شهدت في ذلك العام محاولة انقلابية، ومن أنهاها خلال أيام هو الشعب الذي تجمع بمئات الآلاف من مختلف المكونات ووقف مع الشرعية السياسية، والشرعية الدستورية وأعلن رفضه محاولة هدم الدولة لينتهي الانقلاب دون رجعة رغم كل المحاولات لإعادة المحاولة من جديد.
تركيا شهدت انقلاباً رغم غموض ملابساته، إلا أن أهم درس في الانقلاب التركي هو الشعب أيضاً الذي أنهى المحاولة الانقلابية خلال ساعات قليلة، وأكد تمسكه برئيسه وحكومته والشرعية الدستورية.
بين التجربتين البحرينية والتركية، يظل الدرس الأهم هو أهمية الشعب في السياسة، والمعادلة تشير إلى أن من يسيطر على الشعب يمكنه أن يكسب مزيداً من النفوذ، أو يحافظ على نفوذه السياسي القائم.
الاستقواء بالشعب هو الدرس الأهم في انقلاب البحرين، وانقلاب تركيا. وهذا ما يجب العمل عليه دائماً في بيئة الشرق الأوسط التي تتميز باستقرار الفوضى، بعد انتهاء مرحلة الفوضى الخلاقة.
دول المنطقة مطالبة بإعادة تقييم علاقاتها مع شعوبها، فهي الفيصل في أي أزمة سياسية، ومتى ما انتهت هذه العلاقة فإن ذلك يعني نهاية أي دولة قائمة. لذلك من يتطلع للحفاظ على استقرار دولته والحفاظ على مكتسباته، فإن الاستقواء بالخارج ليس مجدياً، والمجدي للغاية هو الاستقواء بالشعب الذي سيدافع عن وطنه ودستوره وحكومته ومكتسباته. هذا هو الدرس الذي علينا استيعابه جميعاً في البحرين، ودول مجلس التعاون الخليجي.
فكرة الاستقواء بشخصيات سياسية، أو جمعيات سياسية، أو تيارات سياسية فكرة تقليدية فاشلة لأن هذا الاستقواء قد يحقق نتائج مرحلية لفترة من الزمن، لكن الاستقواء سرعان ما سيتحول إلى علاقة غير متكافئة، وعلاقة قائمة على المصالح للطرفين، الحكومة تستفيد من التحالف، والشخصية أو الجمعية أو التيار يستفيد أيضاً. في النهاية تتحول العلاقة إلى علاقة استنزاف سياسي، وتصبح الدولة أو الحكومة عرضة للابتزاز السياسي، لأن الشخصيات والجمعيات والتيارات السياسية لن تقوم بمهام معينة دون مقابل، بل سيصبح دورها تحقيق أجندتها الأساسية، وهي الأهم، والأجندة الخاصة ستصبح أجندة وطنية، هكذا بسرعة!
الاستقواء بالشعب هو الأهم في كافة المراحل السياسية لتطور الدولة، أثناء الأزمات، وبعدها، والتعويل على الاستقواء بأطراف أخرى دائماً ما تكون نتيجته فاشلة، ولن يبني أمناً أو استقراراً أو تحولاً ديمقراطياً أبداً.