قلناها في السابق، إن الشعب الأمريكي البعيد عن سياسة بلاده «القذرة»، هو شعب طيب مسالم يحب الآخرين ولا يكن الكره والبغض، ولا تتداخل في قلبه العنصرية مثلما يفعل البريطانيون الذين يخفون هذا البغض، لأن قانونهم يجرمه.
لكن خلافنا الدائم مع هذه الإدارات المتعاقبة على «البيت الأبيض» الذي ملأ العالم بـ«اللون الأسود»، حينما يحاول الساسة الأمريكان إقحام أنوفهم في شؤون الغير، والتنظير عليهم باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الأقليات.
أمريكا آخر من يتكلم عن الحريات واحترام حقوق الإنسان، هكذا يفترض من دولة في تاريخها مكتوب بأن أول دولة قامت بإلقاء القنابل الذرية على شعب أعزل لدولة أخرى بهدف الإبادة.
ما يحصل في أمريكا اليوم يثبت بما لا يدع مجالا للشك، بأن من تبيعنا «الشعارات»، ومن يحاول مسؤولوها «التدخل» في شؤون البحرين، هم من يحتاجون أصلاً لمن يقول لهم «أنتم احترموا حقوق الإنسان أولاً».
الإدارة الأمريكية تغيب عمداً الإحصائيات التي تتحدث عن التعامل العنيف لأجهزة الأمن، تخفي عدد القتلى من المدنيين جراء التعامل الوحشي لعناصر الأمن، خاصة إن تم ربط نشاطات المجتمع والتجمعات بشبهات إرهابية، أو إن كانت تهدد السلم الأمني، أو حتى تعيق الطرقات.
حقوق الإنسان الأمريكي التي تتفاخر الإدارة الأمريكية بها، يمكن أن تضيع في ثوان، يمكن أن يسلبها رجل أمن واحد، بل القانون يخوله أن يطلق النار ويسلب الأرواح مباشرة، دون وضع للاعتبار مبادئ تدعو أمريكا لها حينما تنظر على الآخرين، مثل الحقوق المدنية وحق التجمعات والتظاهرات.
العنصرية بأبشع صورها تطفح اليوم في الولايات المتحدة، النظام الذي أوهم العالم بأنه قضى على العنصرية، وأن المواطن الملون متساو مع نظيره الأبيض، أثبت اليوم بأنه مازال نظاماً عنصرياً فاشستياً حتى لو حكم البيت الأبيض رئيس «ملون» هو اليوم أسوأ من دخل المكتب البيضاوي، وتفوق في ذلك على مجرم الحرب في العراق جورج بوش الابن.
كبحرينيين ماذا نقول أمام هذا المشهد الأمريكي الخطير؟!
هو ربما نفس الخطاب التهكمي الذي وجهناه للإدارة الأمريكية حينما «قمعت» المظاهرات السلمية لمن تجمعوا في «وول ستريت» قبل أعوام، حينما «نكلت» الشرطة بالمتظاهرين «السلميين»، وحينما سحبت السيدات و«سحلن» وتم ضرب البشر، فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم الاقتصادية وأبدوا مخاوفهم من القوانين المعنية بالتأمين والمعيشة.
اليوم تقوم أمريكا بممارسة ذات الشيء وبصورة أعنف، تبريرها الوحيد في هذا هو «حماية الأمن القومي»، وهو التبرير الذي لا تقبله الإدارة الأمريكية حينما يصدر من دول تواجه إرهاباً حقيقياً، تواجه شرطتها عمليات اغتيال واستهداف منظمة، يواجه نظامها الشرعي محاولات انقلاب صريحة، ويستهدف بتحريض مباشر، مثلما حصل في البحرين.
بغض النظر عن مبعث الأمر، وكونه بدأ بشرارة قتل رجل جيش سابق لخمسة شرطة أمريكان من منطلق عنصري قائم على لون البشرة، وقيام شرطة في المقابل بقتل مدنيين بحجة ضبط الأمن. فإن الشاهد في المسألة يتمثل بأن الأمن القومي مسألة لا يتم الاستهتار بها، ولا يتم التهاون فيها، وهو الأمر الذي تطبقه الولايات المتحدة الأمريكية بالحرف، إلى درجة تدفعها لممارسة جملة من الانتهاكات بحق المدنيين، فلا موقع للإعراب لديها لما يسمى بـ«مظاهرات سلمية» أو «مطالب مدنية».
أقول دائماً حيال مثل هذه الأمور التي تحصل في دول اتخذت من البحرين موقفاً، بل وحاولت دعم عناصر انقلابية ومحرضة والدفاع عن ممارسات إرهابيين، وأدانت إجراءات الدولة في تطبيق قوانينها ولوائحها، أقول بأنها تطبيق للقول الشهير «كما تدين تدان».
وعليه نطالب أمريكا بضبط النفس، وعدم التعامل بعنف مع المتظاهرين السلميين، وضمان عدم تعذيب الذين يتم توقيفهم، والإفراج الفوري غير المشروط لكل من تم القبض عليه، فهم ليسوا إرهابيين (مثلما تقول أمريكا عن الإرهابيين لدينا) بل هم مواطنون يطالبون بحقوقهم، وبدلاً عن قمعهم أعطوهم حقوقهم، ودعوهم يحكموا البلد بدون نظام وقانون!
لو كان مارتن لوثر كينج حياً، لاختبأ خجلاً من أفعال باراك أوباما وإدراته، ولاستنكر فعل رئيس «ملون» جاء بشعارات كاذبة، على رأسها محاربة العنصرية وإغلاق معتقل جوانتانامو منبع التعذيب في العالم (المعتقل مازال مفتوحاً ويمارس فيه التعذيب)، لوقف بنفسه وناهض هذه الإدارة التي تريد السيطرة على مقدرات العالم بأساليب المكر والخديعة والخيانة الموجهة للحلفاء والأصدقاء أولاً قبل أعدائها، الإدارة التي باعت العراق لإيران، وباعت الخليج والعرب لإيران، وباعت الداخل الأمريكي وداست على حقوق مواطنيها.
*اتجاه معاكس
اللهم من أراد بالبحرين وأهلها شراً، فاجعل كيده في نحره وأشغله بنفسه، وأجعل الدائرة تدور عليه.