رقم هاتف مجهول يظهر في وقت من الصباح الباكر، يرد مهنئاً:
ـ ألف مبروك.
ـ مبروك على ماذا؟
ـ على إسقاط جنسية عيسى قاسم.
ـ من المتحدث؟
ـ ليس مهماً أن تعرف من أنا، ولكن المهم أن تستمع لما سأقول.
ـ تفضل..
ـ حكومة البحرين اتخذت قراراً مهماً بإسقاط جنسية عيسى قاسم لإيقاف جرائمه في البلاد. والمشكلة أن الحديث حول قاسم دائماً ما يتركز على تحريضه الناس ليمارسوا الإرهاب، أو ارتباطاته بإيران.
ـ ما المشكلة في ذلك؟
ـ لا توجد مشكلة أبداً، تورطه بالإرهاب معروف، وعلاقاته مع إيران معروفة أيضاً، لكن المسكوت عنه جرائمه في المجتمع الشيعي، في البيوت، في القرى..
ـ ماذا تقصد؟
ـ عيسى قاسم خلق مشاكل اجتماعية كبيرة في البحرين، وأفعاله أدت إلى انقسامات داخل الأسرة الواحدة والبيت الواحد..
ـ كيف ذلك؟
ـ من يخالف عيسى قاسم وتياره السياسي الذي يتبنى ولاية الفقيه يُعزل اجتماعياً، لا يتم التعامل معه، ولا يتم التزاوج معه، ولا يسمح له بالتعامل التجاري.. إلخ. هناك عوائل تشردت، وهناك زوجات تطلقن بسبب الاختلاف مع تيار قاسم..
ـ هل هذا صحيح؟ وهل أنت متأكد؟ فالعزلة الاجتماعية حدثت لبعض التيارات السياسية والدينية في البحرين، وليس مستبعداً أن يقوم تيار عيسى قاسم بذلك.
ـ ما أقوله لك صحيح، فأنا مواطن من بني جمرة، أرفض أيديولوجيا ولاية الفقيه، وأرفض عيسى قاسم، وأدين جرائمه بحق الوطن، وبحق الدين، وبحق الطائفة. والدتي أطال الله عمرها لا تتبع منهج ولاية الفقيه، لكن أشقائي يتبعون هذا المنهج وعيسى قاسم، وبسبب هذا الاختلاف في القناعات فإن أشقائي يقاطعون والدتي بشكل كامل ولا يزورونها أبداً، هل الدين أو المذهب يدعو لهذا؟ لا أعتقد..
هذا الحوار الهاتفي حدث في صباح اليوم التالي من إسقاط جنسية عيسى قاسم، يكشف لنا صوتاً مختلفاً عن الأصوات المعتادة، وهو صوت الأغلبية الصامتة التي تم تغييبها، وتجاهلها، لصالح الأقلية النشطة ذات الأجندة غير الوطنية بأيديولوجيتها الراديكالية، وارتباطاتها الخارجية المشبوهة. وحان الوقت للاستقواء بالمواطنين بدلاً من الاستقواء بالقوى السياسية.