كلمة رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي في مؤتمر باريس الأخير، لا يجب أن تكون كلمة تمر مرور الكرام، بالأخص على الشعب الإيراني الرازح في الداخل الإيراني تحت وطأة حكم «ولاية الفقيه» الذي أسسه «مختطف» الثورة الإيرانية الخميني. عملاء النظام الإيراني والطوابير الخامسة للخميني والخمنئي يسوؤهم هذا الكلام عن النظام الذي «يسجدون» له من دون الله، لكن الشعب الإيراني نفسه يعرف تماماً ما تعنيه رجوي، يدرك تماماً ما تقصده، فهو الذي يرى بأم عينه ما يحصل في بلاده، ويعرف تماماً أن ضمان حياته وسلامته وأفراد أسرته يقتضي «صمته» عن جرائم وظلم نظام لا يتوانى عن شنق معارضيه على أعمدة الإنارة. إن كانت إيران كما يدعي الخميني ومن تبعه «جنة الله على الأرض» فلماذا إذن مئات الآلاف بل ملايين الإيرانيين يعيشون في الخارج؟! ولماذا هؤلاء يترحمون على أيام الشاه، ويعتبرون «ملالي إيران» ناهبي أموال الشعب الإيراني، ومصدري الفوضى والإرهاب على المستوى العالمي؟! كل هذا، لأن أفضل من يحكم على الأمور هم أهلها، هم من عانوا من الوضع، وهم أفضل من ينقل الحقيقة. إيران الجديدة بثورة الخميني قامت على عمليات القتل والتصفية لكل من لا يبايع الولي الفقيه، ويعتبره مرشداً أعلى وممثلاً عن الرب في الأرض. إيران الخميني وبشهادة حفيده بتصريحه قبل أقل من شهرين، قامت على عمليات قتل وتعذيب قام بها الخميني لكل من عارضه، ولكل من خالفه المذهب، ولكل شخص له ارتباط بالعروبة من أحوازيين وسنة وغيرهم. أمريكا على رأس العالم تعلم حقيقة الخطر الإيراني، وتدرك تماماً أبعاد «مخطط التوسع الصفوي» لكنها قابلة له، بل داعمة لانتشاره، وهذا ما يبين المفارقة الصارخة في التعامل الأمريكي مع ملف المعارضة الإيرانية. واشنطن ستقوم بدعم أي شخص يضع على صدره وصف «معارض» للنظام، حتى لو كان معارضاً في كمبوديا أو مدغشقر، لكنها وبكل غرابة لا تدعم المعارضة الإيرانية. فما التفسير لذلك؟! مصلحة أمريكا من استمرار إيران على النهج الذي تقوم به، أكبر جداً من مصلحتها لو «أسقطت ولاية الفقيه» ولو أطاح العالم بالنظام الديكتاتوري الدموي لخامنئي. إيران مصدر الفوضى في منطقة الشرق الأوسط، ومصدر الفوضى بداخل دول الخليج، واستمرارها على هذا المنوال، يمنح الولايات المتحدة فرصة أقوى للتقرب من المنطقة بحجة أنها «الحليف الرئيس» والضامن لأمن هذه المنطقة، بينما الحقيقة الواضحة أن العملية تتم في إطار صفقات وتفاهمات توجها الاتفاق النووي بين إيران ومن تصفه بـ»الشيطان الأعظم». البرلمان الأوروبي الذي حاول أن يتفلسف على البحرين مؤخراً بحجة ملف حقوق الإنسان، عليه بدل ممارسة «الهرطقة» السياسية الهابطة، أن يتحفنا بموقفه ورأيه من مؤتمر باريس للمعارضة الإيرانية، هل سيتحرك بنفس المستوى، وهل «سيتكلم» بنفس اللهجة؟! وطبعاً هو «رأس ماله» الكلام فقط! شرور هذا النظام الاستبدادي الديكتاتوري القائم على استعباد البشر وتطويع إرادتهم تحت مسمى «ولاية الفقيه» والموالاة لـ»المرشد الأعلى»، ليست مقصورة على إيران فقط، ليست مقصورة على سنة إيران وعربها وأكرادها ولا حتى الشيعة الذين يخالفون توجهات الخامنئي، بل شرور هذا النظام تطال العالم بأسره، وبالأخص أقرب الدول منه، مثلما يحصل في البحرين. اليوم إن كان العالم بالفعل يريد إنقاذ السوريين من المجازر التي يتعرضون لها على يد المجرم بشار الأسد، فعلى العالم أولاً قطع «الوريد الرئيسي» المغذي لبشار، وهي إيران! إن كان العالم يريد استقرار العراق بالفعل، عليه أولاً أن يقطع الأيادي المهيمنة على مقدرات العراق، بل عليه إبعاد سطوة النظام الفعلي الحاكم للعراق من خلال «فزاعات» و»أرجوزات» يصنعها، وهو النظام الإيراني! خطر المشروع الإيراني أكبر من أي خطر إرهابي آخر، أكبر من «القاعدة» وأعظم من «داعش»، والأخيرة أصلاً صناعة أمريكية إيرانية، والدليل أن تنظيم أبوبكر البغدادي لم يستهدف أبداً مواقع إيرانية ولا محسوبين على الخمنئي. مثلما قال الأمير الكبير تركي الفيصل «وأنا أريد إسقاط النظام»، فإننا أيضاً نريد إسقاط نظام الولي الفقيه، هذا النظام الذي حرك عملاءه وخونته وطوابيره الأجيرة لينفذوا أقذر عملية انقلاب شهدتها البحرين، حركهم ليصرخوا في بلادنا بأنهم يريدون إسقاط النظام، فأسقط مشروعهم الخبيث شعب البحرين العربي الخليجي المخلص. اسألوا أي إيراني تهجر من بلاده، أو هرب خوفاً من القتل، أو من المعيشة المزرية تحت خط الفقر، اسألوه عن أحلامه وآماله، سيجيبكم بلا تردد أنها تتمثل بيوم يأتي يسقط فيه الخمنئي والنظام الاستبدادي الطائفي الذي أسس الخميني سارق «الثورة الإيرانية» وقاتل الأبرياء.