ثلاثة تفجيرات متعاقبة وفي العشر الأواخر من رمضان الخير ومع بدء شهر يونيو وفي ثلاث دول عربية شكلت صدمة في توقيتها وقوتها وجرأتها!
وسنستعرض بإيجاز ذلك الإرهاب الذي لايقيم للبشر ولا للدين ولا لحرمات الزمان والمكان أي اعتبار:
أولى تلك التفجيرات الإجرامية وقعت في (مملكتنا البحرين) الغالية في سابقة خطيرة إذ لم تستهدف كالعادة التي دأب عليها الإرهابيون والانقلابين رجالات الأمن بل استهدفت هذه المرة المواطنين العزل وقد ذهب ضحيتها امرأة مسلمة وجرح أطفالها بعد أن تفجرت بالقرب من عجلتها عبوة ناسفة وضعت داخل صراف آلي.
وهذا هو ديدن الجبناء عندما يعجزون عن تنفيذ مخططهم فيعمدون إما إلى تخريب الممتلكات أو تفجير دور العبادة أو استهداف المواطنين العزل أو الرموز والشخصيات الوطنية فما أخسها وأجبنها من مواجهة.
وهذه هي بضاعة المفلس الذي شارف على أن يخسر كل رهاناته ويشعر أنه أصبح خارج المعادلة بسوء حساباته وتقديره بل بخسرانه قاعدته وانفضاضهم عنه بعد انكشاف أوراقه وعمالته ممن كان يؤيده أو يتعاطف معه، والتي بنيت أساساً على شفا جرف هار فانهارت به.
وثاني تلك التفجيرات ذلك الذي وقع في العاصمة العراقية (بغداد) في منطقة مكتظة بالسكان استهدف المتبضعين لاستقبال أيام العيد في (منطقة الكرادة) والذي ذهب ضحيته ما يزيد عن 250 ضحية قضوا جلهم حرقاً حد التفحم بحيث صعب على كثير من ذوي الضحايا التعرف على ذويهم إلا من خلال فحص الحمض النووي DNA، ومثلهم من الجرحى وأغلب إصاباتهم الحرق الشديد. والغريب في هذا العمل الإرهابي هو قوته وإعداد الضحايا التي خلفها ورائه. وما يثيرالريبة لدى العراقيين هذه المرة بعد أن أفاقوا من الصدمة المروعة اكتشافهم عدم وجود أي أثر للتفجير والذي عادة ما يقع إما بالسيارات المفخخة أو العبوات والأحزمة الناسفة أو الانتحارين فكان من البديهي وبهذه القوة أن ينهار جزء من المباني المستهدفة أو يترك حفرة كبيرة في الأرض لكن كل ذلك لم يحدث مما يشير إلى استخدام نوع متطور وجديد من أنواع المتفجرات والأسلحة التدميرية المحرمة دولياً تختلف عن سابقاتها مما يتطلب تدخل جهات ولجان دولية تحقيقية محايدة لكشف ملابسات ذلك الإرهاب. وكذلك المثير في الأمر والذي وصل لحد الاستهجان هو تسارع تنظيم الدولة الإسلامية بعد ساعات لم تخمد معها النيران المستعرة إلى تبني العملية وكأنه يوجد سيناريو واتفاق مسبق في تبادل الأدوار بين الإرهابيين.
إن ذلك التفجير الإرهابي وبهذه الكيفية والدقة والقوة هو من تخطيط وتمويل وتنفيذ مخابرات دول متمرسة في الإرهاب ويفوق إمكانيات داعش المتبرعة والمتصدرة للمشهد في كل مرة. ربما سنشهد بعد ذلك التفجير الإرهابي حقبة أخرى مظلمة وأجندة دموية أشد من حقبة تفجير الإمامين العسكريين ونسأل الله ألا ينزلق العراق الجريح إلى هوة جديدة من التطاحن الطائفي وأن يقطعوا بتكاتفهم وتلاحمهم الطريق على من يريد بالعراق وأهله شراً.
أما التفجير الثالث والذي يمثل أشدها قبحاً وأكثرها إيلاماً للأمة الإسلامية هو التفجير الذي وقع في أراضي الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وبالتحديد في ( المدينة المنورة) وعند أسوار المسجد النبوي الشريف والذي ذهب ضحيته أربعة من رجال الأمن قضوا مع نداء الله أكبر في شهر كريم كانوا قد افترشوا الأرض بجوار حبيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتناولوا رطبات الإفطار ففاضت أرواحهم الزكية إلى بارئها وفاضت معهم مشاعر الأمة الإسلامية!
فهل وصلت الجرأة بالإرهابيين إلى أن يتطاولوا على مقام النبوة، فقريش بضلالها ويهود بني قينقاع ويثرب بحقدهما ومكرهما كانوا يعظمون الحرمين وينافحون عنهما ولا يمسونهما بسوء، ولم يتجرأ أحد على الحرم إلا أبرهة الحبشي وجيشه والقرامطة فأخزاهم الله وأهلكهم بفعلهم وقطع أثرهم، فمن يتجرأ على مقام النبوة اليوم هو أشد كفراً وضلالاً من الكفرة والمشركين وقد اختطوا حتفهم ورسموه بإرادتهم.
بعد هذا التفجير والتحدي السافر لمشاعر الأمة باتت المعركة واضحة ولا تحتاج لكثير من التحليل والاستنباط؛ فإن المستهدف الرئيسي من كل هذا الإرهاب المتمركز في المنطقة هو بلاد الحرمين ومكة والمدينة حماها الله على وجه الدقة.
فقد كشف العدو عن وجهه القبيح وسقطت جميع الأقنعة.
وحتى إن تبنت داعش مسؤوليتها، وحتى إن تم اكتشاف خيوطها وحتى إن كان المنفذ هو زيد أو عمرو، فإن من يقف وراء هذا الإرهاب من تخطيط وإشراف وتمويل هم ملالي قم، ولا ريب، والذين ارتضوا لأنفسهم أن يقودوا معركة خاسرة.
من يطلع على خارطة التفجيرات التي تجتاح المنطقة ويدقق فيها سيلحظ أنها متمركزة على الأغلب في الشرق الأوسط ودول الخليج والدولتان الوحيدتان اللتان يتخطاهما الإرهاب ليس لجهد أمني خارق بل لأنهما منبع الإرهاب وتمويله هما إيران وتل أبيب.
ليس من قبيل الصدفة أن يجتاح الإرهاب أكثر الدول تحصناً وحساً أمنياً كفرنسا وبلجيكا وإسبانيا وتركيا بل حتى أمريكا نفسها وينحرف المنحنى ليتخطى تل أبيب وطهران اللتين تعجان بالفوضى وانتهاك حقوق الإنسان.
والشيء ذاته ينطبق حتى على الإرهاب الجوي فلم نسمع أن حدث عمل إرهابي في مطار تل أبيب أو طهران أو تم تفجير أو خطف طائرة تابعة لخطوطهما الجوية وهي حالياً أكثر الخطوط استقراراً وأمناً ؟؟؟.
إن الأمر بات مكشوفاً، فأوهمونا يا قيادات داعش ويا ملالي قم ومن يقف وراءكم وضللوا الرأي العام العالمي والسذج منهم على وجه الخصوص وأحدثوا تفجيراً حتى ولو في حاوية قمامة وفي أطراف طهران حتى نقول إن الإرهاب قد ضرب طهران وأبعدوا تمثيلاً الشبهة عنكم!!
لكن أبى الله إلا أن يفضحكم وأبى الغباء إلا أن يفضح أهله..
عذراً يارسول الله..عذراً يا صديق.. عذراً ياعمر الفاروق..
فما حصل بالقرب من أجسادكم الطاهرة من تجاوز سيزيد فينا العزم على مقارعة الإرهاب ودحره وإعادته إلى جحوره فدماؤنا ورقابنا وأهلونا ترخص دونكم.