حتى أرى بعيني جماعة تنظيم الدولة «داعش» يقومون بعمليات إرهابية في إيران أو معاقل «حزب الله» في جنوب لبنان، أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة المسماة «إسرائيل»، فإنه من حقي الشخصي المطلق أن أعتبر هذا التنظيم الإرهابي «السني» افتراضاً، بأنه تنظيم من صناعة أمريكية، وباتفاق مع إيران بألا يطالهم شيء منه.
وإلا فالعقل يفرض تساؤلات منطقية بشأن «داعش» التي تدعي أنها وجدت لتحارب «الشيعة»، ومن يدعي أنه «عراب» المذهب والوصي عليه، أي إيران، لكن في المقابل نرى استهداف «داعش» للسنة والأجانب أكثر منه من الشيعة، اللهم بعض الحسينيات هنا وهناك، بل نرى خطابات «داعش» تتوعد وتهدد الأنظمة العربية الإسلامية، في حين لا تطال إيران ولا حتى الدول الأجنبية الغربية المسيحية إلا بنسب أقل، طبعاً إيران لا أثر لها على خريطة «داعش».
وفي ظل الحرب «المزعومة» من الطرف الأمريكي وأيضاً الإيراني من خلال تفريعاته وتقسيماته سواء «حزب الله»، أو جيش بشار الأسد أو غيرها، حتى الآن لم نرَ صوراً لأسر جنود من «داعش»، أو تصوير لهم يدلون بالاعترافات، ولا حتى عمليات قتل وإعدامات لهم، رغم أن «داعش» قاموا بصناعة فيديوهات هوليوودية لعمليات الإعدامات التي أقدموا عليها، قطعوا رؤوس أشخاص «وهم سنة»، حرقوا الطيار الأردني الكساسبة «وهو سني»، ولم يتم كشف هوية من قتلوهم وادعوا أنهم شيعة.
أبوبكر البغدادي حينما أعلن نشوء «داعش» قال بأنه سيجعل فلسطين مقبرة لليهود، وحتى اللحظة لم تجرؤ «داعش» على الاقتراب من حدود الأراضي المحتلة التي تسيطر عليها إسرائيل.
البعض سيقول دفاعاً عن إيران بأنه لا توجد فيها حاضنة شعبية لتحتضن بؤراً ناشئة لـ»داعش»، والمعنى بصريح العبارة أنه لا توجد غالبية سنية أو أعداد سنية -بحسب قولهم- لتكون مع «داعش» نقاط انطلاق داخل إيران.
وبغض النظر عن هكذا تأويل، باعتبار أن عملية إبادة المكون السني في إيران تعتبر عملية من أولويات نظام «الولي الفقيه» منذ مجيء الخميني وحتى اليوم بقيادة خامنئي، نقول بأن منطقة الأحواز والساحل الإيراني الذي يضم قبائل منها قبائل سنية كثير منها له أصوله من شبه الجزيرة العربية على امتداد قرون، هذه المنطقة يمكن لها أن تكون أفضل نقطة انطلاق رئيسة لـ»داعش» داخل الحدود الإيرانية، إن هي فعلاً أرادت كسر شوكة نظام خامنئي الذي تدعي محاربته، أو «تستهدف أكبر تجمع للمذهب الشيعي»، على اعتبار أن الشعار الطائفي لـ»داعش» هو «إبادة الشيعة وبالأخص شيعة إيران»!!
التساؤلات دائماً تكشف التناقضات، إذ نعم، لماذا ليست الأحواز، ليست لبنان أو جنوبها، لماذا سوريا في مقام أول ومن ثم العراق؟!
من يميل قلبه لإيران سيقول، لأن سوريا نظامها له علاقات قوية بإيران، والتصحيح لهذا القول بأن النظام السوري أصلاً مرتهن لإيران ورئيسه عبد له، لكن الغرابة هنا في التوقيت وطريقة إعلان «داعش» انطلاقتها من سوريا.
وللحديث بقية غداً.