من يتابع هذه الأيام برنامج «حديث البحرين» والمخصص منذ نحو ست سنوات للإساءة إلى وطننا العزيز والذي لا تزال تبثه فضائية «العالم» الإيرانية يومياً على الهواء مباشرة ومن دون حياء يسهل عليه اختيار عبارة «تقبل التعازي» عنواناً لحلقاتها، فقرار إغلاق مقار «الوفاق» وما سبقه وتلاه من قرارات «تصحيحية» قوية اتخذتها حكومة البحرين جعل حتى جيهان - مقدمة البرنامج – تتحدث بعصبية وكأنها جزء من الموضوع وليست مجرد مقدمة برنامج في تلفزيون فارسي تنال مقابله أجراً.
أما ما غفل ويغفل عنه ذلك البرنامج المسيء، ومن يقف خلفه ويموله ويعين عليه، فهو أن من حق البحرين أن تضع حداً لهذا الاستهتار الذي تعودت أن تقوم به «الوفاق» وغيرها من الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد مستغلين أجواء الحريات والديمقراطية ودولة المؤسسات، فمملكة البحرين ليست جمعية سياسية وليست نادياً وإنما هي وطن له قيادة وحكومة يديرها رجال يعرفون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم. وما غفل عنه المشاركون في ذلك البرنامج – سواء من الخارج أو الداخل – هو أن القيادة والحكومة وصلتا إلى حد اقتنعتا فيه بأنه صار لزاماً عليهما القيام بعمل ما لا تباليان معه بردود الفعل ولا بكلام من يده في الماء البارد ولا يهمهما كل من «يقلق» بسبب ذلك العمل التصحيحي والذي لا يختلف اثنان على أنه تأخر كثيراً.
القرارات التي اتخذتها الدولة أخيراً تعني أنها قررت أن تحسم الأمر، فهي عاصفة حزم جديدة استدعتها تطورات الأحداث في الداخل وفي المنطقة، والواضح أن الدولة وصلت إلى قناعة مفادها أن الاستمرار في أسلوب اللطف الذي اختارته طريقاً لحل المشكلة في السنوات الخمس الأخيرة لم يعد مناسباً للمرحلة، فكثير من الأمور تغيرت، وكثير من التعنت من قبل من وقعت عليهم القرارات الأخيرة مورس وصار لزاماً التعامل معه بمثل هذا الحزم.
البحرين ليست ضد مبادئ وحقوق الإنسان، ولأنها تؤمن بأن الإنسان «الآخر» أيضاً له حقوق لذا فإن المنطق يستوجب أن تدافع عنه وتحميه، وإلا تكون قد تطاولت على حقوق الإنسان وكل المبادئ، فحقوق الإنسان ليست حكراً على طرف دون طرف ولا تخص مجموعة دون أخرى، وكما أن لهذه الفئة حقوق ينبغي مراعاتها فإن للفئات الأخرى أيضاً حقوقاً ينبغي من الدولة أن تراعيها وتقوم بها. حقوق الإنسان ليست فقط لمن يقف ضد وطنه ولكنها أيضاً وقبلاً لمن يقف مع وطنه ويحامي عنه، بل إن من يقف ضد وطنه ويصل إلى حد أن يبيعه من دون أن يرف له جفن لا حقوق له ولا يستحق الاحترام.
ما حدث في البحرين هو أن نفس القيادة كان طويلاً وصدرها ظل واسعاً رغم كل شيء، ولكن بما أن كل هذا لم يوصل إلى مفيد بل شجع من اختار الطريق الآخر على الاستمرار في غيه وعناده وإصراره على أن يدار من الخارج، لذا صار لا بد من اللجوء إلى الخيار الصعب والقول لرافعي شعارات حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية وغيرها من الشعارات التي لا تبني وطناً إننا نحترمكم جميعاً ونتمنى عليكم أن «تنسونا» لبعض الوقت فالطريق الذي أشرتم به علينا لم ينفع وصار لا بد أن نعالج المشكلة بحكمتنا.
في السياق نفسه، قال رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إن العمل السياسي متاح في البحرين ومنظم بقوانين وتشريعات توازي بين الحرية والديمقراطية والمصلحة الوطنية إلا أن البعض للأسف اتخذ من ذلك سبيلاً للعبث بأمن الوطن واستقراره والعمل على التأثير على اللحمة الوطنية.. «وهو ما لا نقبله ولا نرضاه، فلا مساومة في أمن الوطن».