تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أخيراً ما أسموه بياناً صادراً عن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ينتقد قيام ما سماها جهات مجهولة بحرق مقار ومكاتب الكتل السياسية، وأن ذلك جاء رداً على قيام متظاهرين غاضبين بمهاجمة مقرات أحزاب عراقية اشتهرت بولائها لطهران من بينها «حزب الدعوة». كما جاء في الخبر المتداول أن «متظاهرين قاموا بتمزيق صور للخميني وخامنئي، في عدد من المحافظات جنوب العراق».
وبغض النظر عن صحة الخبر أو المبالغة فيه، فإن هذا الأمر إن لم يكن قد وقع أمس فإنه سيقع اليوم، وإن لم يقع اليوم فسيقع غداً، أو في أي وقت لاحق، فهذه هي النتيجة الحتمية والمنطقية للتدخل الإيراني في العراق، أو بالأحرى احتلال إيران للعراق وقيامه بإدارة المعارك هناك، فاليوم لا يختلف اثنان على أن قرار العراق يصنع في طهران وينفذ في بغداد.
عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتم تداول معلومات كثيرة عما يسمونه «مؤسسات استخباراتية إيرانية»، تعمل في العراق بشكل سري وعلني، ويؤكدون أنه بهذا يكون المدعو قاسم سليماني هو الحاكم الفعلي للعراق. تلك المؤسسات يتخذ لها أسماء مذهبية في الغالب، فهذه مؤسسة السجاد، وتلك مؤسسة المهدي، والثالثة مؤسسة روح الله، أو يوم المستضعفين أو الرحمة، وليس معلوماً ما إذا كانت تلك المسميات صحيحة أو أنها مجرد ادعاء، فهذا جوابه عند العراقيين الذين عليهم أيضاً واجب تبينها أولاً، «يتم تبادل معلومات عن مواقع تلك المؤسسات»، وتبين الدور السري لها، لو أنها كانت تقوم بالفعل بدور سري، كما يتداول.
من يتبادلون تلك المعلومات ويعتقدون أنها صحيحة ودقيقة يقولون إن إحدى تلك المؤسسات عبارة عن مقر للمخابرات الإيرانية، والثانية تخضع لفيلق القدس ومهمتها توزيع الأسلحة الإيرانية وتدريب العناصر الإرهابية، بينما ترفع مؤسسات أخرى لافتات ثقافية لتغطي على دورها الاستخباراتي، وأنها كلها تمول من إيران. كما يؤكدون أن لتلك المؤسسات مكاتب مهمتها تجنيد الشباب العراقي في فيلق بدر الإيراني.
أيضاً يتداول أولئك أسماء إيرانية يقولون إنها تدير تلك المؤسسات مثل حيدر جلو خان ومقداد إسلامي وعلي خسروي، وأخرى عراقية مثل فاضل الحسيني وهادي العامري وجاسم الدراجي، وغيرهم.
في كل الأحوال فإن الأكيد هو أن العراقيين إجمالاً صاروا يشعرون أن بلادهم اليوم -بعد الاحتلال الأمريكي- محتلة من قبل إيران وأن إيران هي عدوهم الذي عليهم أن يفضحوه ويتحرروا منه.
ربما يصعب على البعض تصديق مثل هذه المعلومات، وقد ينسبها إلى المخابرات التي تروج لها لتحقيق غرض معين في مرحلة معينة، لكن من لا يصدق تظل الأسئلة عن دور إيران في العراق، ودور الفضائيات والإذاعات المحلية التي تروج الثقافة الخاصة بـ«الولي الفقيه»، وتصدير الثورة الإيرانية تشاغبه، خصوصاً وأن تلك الفضائيات والإذاعات تهتم بكل ما هو طائفي ومذهبي.
إن واقعاً كهذا صار مفروضاً على العراقيين من الطبيعي أن يرفضوه ويثوروا عليه، ومن الطبيعي أن تكون البداية أيضاً بتمزيق صور رموز إيران ومهاجمة المقرات التي تديرها إيران في العراق.
لن يطول الوقت حتى تتسع حالة الغضب من الممارسات الإيرانية في هذا البلد العربي الأصيل، ولن يطول الوقت حتى يتمكن العراقيون من هدم كل المؤسسات التي قامت إيران ببنائها خلال السنوات الأخيرة، وإن كانت مهمة كهذه ليست بالسهولة التي يمكن تصورها، فالإيرانيون تغلغلوا في العراق بطريقة ربما صار صعباً تبينها في المرحلة الحالية، فقد تعودوا أن يخيطوا سياساتهم بالطريقة نفسها التي يخيطون بها السجاد الإيراني الذي لا يتبين مقتنيها معاني وتفاصيل نقوشها إلا بعد سنوات.