مباشرة بعد الإعلان عن خبر تمكن عدد من الموقوفين من الهروب من سجن الحوض الجاف خصصت فضائية «العالم» الإيرانية حلقات برنامجها اليومي المخصص للإساءة إلى مملكة البحرين للقول بأن «عملية الهروب ليست إلا مسرحية من تأليف وإخراج وزارة الداخلية وأن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث وأن هدفاً معيناً كانت الداخلية تريد تحقيقه عبر هذا الإعلان»، لذا فإن كل من تمت استضافتهم من خارج البحرين وداخلها اهتموا بالقول بأن «تمكن الموقوفين من الهروب من هذا السجن هو من عاشر المستحيلات».
وعلى مدى الأيام التي تم فيها تناول هذا الموضوع ردد المشاركون الكلام نفسه والفكرة نفسها واتفقوا على أن «عملية الهروب ليست إلا مسرحية أريد منها التضييق على «المعارضة» وتوفير سبب لنصب نقاط تفتيش في الشوارع بغية اعتقال الشباب». لكن يوم الثلاثاء حظي بمفاجأة لم تكن متوقعة، فقد فوجئوا جميعاً وعلى رأسهم مقدمة البرنامج بإدلاء علي مشيمع الذي تمت استضافته من لندن باعتراف واضح ملخصه أن عملية الهروب كانت حقيقية وأن الذين نفذوها كانوا من الموقوفين ولم يتردد عن دعوة كل الموقوفين والمسجونين إلى محاولة الهرب من السجن.
بدأ مشيمع كلامه بالقول إنه سيتكلم بصراحة فأثنت مقدمة البرنامج عليه ودعته إلى ذلك، لكنه فاجأها بذلك الاعتراف ما اضطرها إلى مقاطعته وقولها له إن الجميع اتفق على أن ما حدث كان مسرحية وأن الهروب من السجن أمر صعب وغير معقول بسبب شدة المراقبة، لكنه أصر على قوله ودعا أهل البحرين إلى «التستر على الهاربين وحمايتهم» واعتبر أن «هذا الأمر من مسؤولياتهم»، ثم دعا الآخرين إلى «الهروب والتمرد».
ما قاله مشيمع الابن في حلقة الثلاثاء الماضي من برنامج «حديث البحرين» أكد أن «عملية الهروب لم تكن مسرحية وإنما كانت عملية هروب حقيقية تم التخطيط لها وتنفيذها بدقة» وأن هناك متورطين في العملية لولاهم لما تمكن الموقوفون من الهرب، وأكد أن «من في الخارج يعملون بجد كي يمكنوا هؤلاء من الهرب والتمرد على النظام».
لم تكن مسرحية إذن ولا تمثيلية ولا ادعاء باطلاً كما سعى بقية ضيوف ذلك البرنامج الإيراني إلى ترويجه، فالهروب كان حقيقياً، وما قامت به وزارة الداخلية بعد ذلك كان ردة فعل طبيعية، حيث من مسؤوليتها أن تلقي القبض على من هرب.
نحن إذن أمام قصة تحتاج إلى تفكر، فطالما أن العملية كانت حقيقية فإن هذا يعني أن الذين ظلوا ينكرونها ويؤكدون أنها من خيال الداخلية كانوا يعرفون أنهم لم يكونوا يقولوا الحقيقة وأنهم يشاركون في فعل قبيح، فما قاله مشيمع كان اعترافاً بأن ما جرى كان حقيقياً وأنه وآخرين معه كانوا يعلمون بأمور تتعلق بالعملية حتى قبل حدوثها.
علي مشيمع «بط البرمة» ووضع -بقصد أو من دون قصد- حداً لما ظل البعض يردده، فأكد أن عملية الهروب كانت حقيقية وأنه تم التخطيط لها والتواصل مع الموقوفين لتنفيذها، وهذا يعني أن من لم يتم القبض عليهم بعد على صلة بمن هم في الخارج، وإلا كيف عرف مشيمع الصغير أن ما جرى كان حقيقة ولم يكن تمثيلية كما ظل يردد أولئك الذين استضافتهم تلك الفضائية «السوسة» وكما ظل يردد كثيرون في الداخل؟
من الأمور التي قالها مشيمع أيضاً إن «من حق الموقوفين والمسجونين التمرد والبحث عن وسيلة للإفلات والهروب من السجن»، لذا اهتم في حديثه ذاك بتحريضهم وتحريض أهاليهم على القيام بعمليات هروب جديدة واهتم بتحريض العامة لحمايتهم واستضافتهم في بيوتهم والتستر عليهم.
لم تكن زلة لسان، فزلة اللسان لا تتبعها تفاصيل.