منذ أيام طالعنا خبراً يتعلق باعتقال الشرطة الفرنسية لمتظاهرين ضد قانون العمل الجديد، وما تأملناه طويلاً كيفية تعامل رجال الأمن مع المحتجين أثناء الاشتباكات حيث كان أحد رجال الأمن يضرب بالهراوة «العصا الغليظة» أحد الذين تم اعتقالهم في حين باقي أفراد الشرطة لم يتوقفوا عن إطلاق الغازات المسيلة للدموع.
فرنسا التي تعاني من بطالة مزمنة تزيد نسبتها عن 10% لم يفكر رجال الأمن فيها وهم يتعاملون مع المتظاهرين ويضربونهم ضمن صدامات عنيفة إن هناك دكاكين حقوق إنسان قد تعرب عن قلقها أو تندد أو تستنكر، أو أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد يخلط في تصريحاته بين ما يراه في الشأن الفرنسي مع الشأن الفلسطيني أو السوري وكيفية يتعامل العدو الصهيوني مع الشعب الفلسطيني المضطهد فيجمع فرنسا وفلسطين وسوريا في كفة واحدة مثلاً!
بعض الصور التي تابعناها وجدنا فيها رجال أمن يتعاملون بعنف لدرجة تصل إلى دهس المتظاهرين بالأحذية وسحلهم على الأرض، وحملهم بطريقة وحشية تتنافى مع حقوق المعتقلين، هكذا يتعاملون مع المتظاهرين ضد قانون جديد للعمل، أي في شأن معيشي، فكيف التعامل سيكون فيما لو كانوا متظاهرين يتم تمويلهم من الخارج لأجل قتل رجال الأمن وتفجيرهم بالقنابل أو حرقهم بالمولوتوف لإسقاط شرعية البلد والتمهيد لاحتلالها من قبل دول خارجية وهو في الأعراف الدولية أمر يصنف على أنه خيانة عظمى للبلد تصل عقوبتها إلى الإعدام؟ هؤلاء الإرهابيون ليسوا كمتظاهري فرنسا أو أمريكا مواطنين بلا أهداف إرهابية بل لديهم مخططات وأجندات يودون تنفيذها لتصفية رجال الأمن ومن ثم المواطنين الذين لا يسيرون على اتجاهاتهم الإرهابية كما يفعل أتباعهم في العراق وسوريا وإيران والأحواز.
صورة أخرى جذبتنا ونحن نطالع أحد التقارير الصحافية عن إجراءات الأمن في الغرب، لرجل أمن أمريكي وهو يركل امرأة متظاهرة، كان يركلها في منطقة أعلى قدمها، ضمن الإجراءات العنيفة لقمع التظاهرات، وهو على يقين أنه حتى ناشطات حقوق «النسوان» لن ينبسن بكلمة واحدة، إضافة إلى دكاكين حقوق الإنسان التي تصدر لنا بيانات استنكارية ضد التعامل الأمني مع إرهابيين!! وهو متيقن أنه لن يخرج أحدهم ليقول لهؤلاء عن رجال الأمن الأمريكي «اسحقوهم» فقد اعتدوا على نسائنا وانتهكوا حرماتهن!».
لم نسمع حتى كتابة هذا المقال ومنذ ركل تلك السيدة الأمريكية عن فتوى تحلل قتل أي رجل أمن يصادفونه الإرهابيون في طريقهم، حتى ولو بعد عدة أعوام، وحتى إن لم يفعل شيئاً! بل نشعر وكأن ما يجري هناك هو العكس تماماً كأن هناك ضوء أخضر لرجال الأمن الأمريكيين والفرنسيين لـ «اسحقوهم بالأحذية والعنف لأي متظاهرين يقودون تجمعات تخلق الفوضى»!
أمام القمع الأمني بالاأحذية والضرب في فرنسا وأمريكا لا نسمع حساً ولا استنكاراً ولا بياناً من دكاكين حقوق الإنسان، بل حتى من عناصر الحرس الثوري في إيران والعراق الذين يخرجون كل فترة وأخرى بتأييد لما يجري في البحرين من فوضى أمنية ويؤكدون دعمهم لما يزعمون أنه «مطالبات شعبية».
لو نأتي إلى واقعنا الأمني في مملكة البحرين نجد أن رجل الأمن أعزل، يواجه عصابات إيرانية مسلحة ومدربة في معسكرات إيرانية وعراقية تحاول قتله وحرقه وتفجيره لتحويل جسده إلى أشلاء مبعثرة دون حماية، بل حتى عندما يحاول الدفاع عن نفسه نجد بيانات الجهات المشبوهة ودكاكين حقوق الإنسان جاهزة للنشر والتعميم تزعم أن «هذا قمع وانتهاك لحقوق الإنسان»، بالمناسبة، أليست أدخنة الحرائق التي يشعلونها في الإطارات والألواح تخنق الناس، ومضرة بالصحة؟! هؤلاء يخرجون في الشارع لاستهداف رجال الأمن وقضيتهم قتلهم وتصفيتهم لهدم حصن الوطن، ومن ثم نجاح المشروع الطائفي والتطهير العرقي الذي يريدونه.
حتى عندما يستشهد أو يصاب أحد رجال الأمن البحرينيين تبدأ الحملات الإعلامية المكثفة لتزوير الحقائق على المستوى الدولي، وللضغط على مملكة البحرين، حتى لا يتم تطبيق القوانين الحازمة ضد الإرهابيين المجرمين الذين تم ضبطهم، فيما في أمريكا وفرنسا «يروحون ورا الشمس»، وأي شخص يتكلم ويفسر حديثه على أنه مؤيد للإرهاب يتعرض للاعتقال والتحقيق! هؤلاء جرمهم خطير فالقاتل يقتل، ليس لأننا مسلمين وفي دولة إسلامية فحسب بل حتى دول الغرب تقوم بإعدامهم ولا تتهاون قيد أنملة معهم.
القمع الأمني الدموي في أمريكا مباح، فالأمن هناك ركيزة أساسية ولا تهاون ومن يستهدف الأمن يعتقل، وهنا نستحضر صورة رجل الأمن البحريني الذي كان الإرهابيون يركضون وراءه لضربه، فيما كان يحاول أن يحتمي منهم بالركض إلى سيارة الشرطة، وكذلك صورة رجل الأمن الذين يسحبونه من ملابسه فيما هو يحاول أن ينجو بنفسه منهم أثناء التعامل الأمني في إخلاء أحد تجمعات 2011 وهي صور انتشرت أيام الأزمة الأمنية، بذمتكم هل هذا منظر يليق بمن يمثلون هيبة الدولة الأمنية؟
دكاكين حقوق الإنسان هم بالأصل «لصوص حقوق الإنسان» لأنهم يسرقون حقوق المواطنين في دولنا التي تعاني من جرائم الإرهابيين الذين تمولهم إيران فيما يصبحون كما «العميان» أمام التعامل الأمني في دولهم.