ننظر إليها بحزن ونحن نشعر أن طفولتها تسرق منها أمام معاناة الواجبات المدرسية الكثيرة، تنهض يومياً من نومها في تمام الساعة الخامسة صباحاً، حيث يأتيها «باص» المدرسة الساعة السادسة، ولكون مدرستها في منطقة بعيدة، تعود من المدرسة في تمام الساعة الواحدة والنصف، وتظل حتى الثالثة عصراً، ثم تستعد للتوجه إلى المدرسة الخصوصية ومن ثم تدرس حتى الساعة السادسة مساء، وبعد ذلك تعود مرهقة لتنام، وهكذا يومياً!
أما في الإجازات فيوم السبت أيضاً تفقد وقتاً منه لكونها تتجه عصراً لتلقي دروسها عند المدرسة الخصوصية! واجبات كثيرة ومعقدة لطفلة لا تتجاوز السابعة من العمر! نكتشف أن معظم من في عمرها وأصغر نفس الحال و»أردى»! شقيقتها الأصغر منها بدأت تمل، وبدأت تتصنع الاعذار اليومية، حتى لا تذهب لمكان من المفترض أن يكون مكاناً يراعي طاقات التلاميذ الاستيعابية للدراسة، بالطبع لا يمكن أخذهم إلى مدارس حكومية، فالوضع هناك أكثر تعقيداً، واجبات لا يكاد ينتهي منها الطالب حتى يقول «وينك يا درب المخدة ؟»، كل طاقاتهم وعمرهم الجميل يستهلك في واجبات ودروس، لن يتذكروا منها إلا القليل جداً في عمر العشرين، بل و»تطفر» الكثير منهم وتجعلهم «بليدين» لا يجتهدون من أجل التفوق العلمي، عندما يكملون المرحلة الابتدائية ولا يرغبون بإكمال دراستهم الجامعية لاحقاً. طرحنا في مقالات سابقة أهمية البدء في إيجاد نقلة نوعية في مسألة طرق التعليم والدراسة في مملكة البحرين بحيث تواكب ما يتم العمل به في مدارس الدول المتقدمة، حيث تقام هناك حصص اللعب بالدراسة وتكون التطبيقات العملية أكثر من النظرية بعيداً عن سيناريو الحفظ القديم.
كما طالبنا وتحدثنا عن أهمية إيجاد دراسة لمعرفة ما هي النواقص التعليمية الموجودة في المدارس الحكومية والخاصة التي تدفع هذا الكم الكبير من الطلبة للجوء إلى الدروس الخصوصية، التي جعلت المعاهد والمدرسين يتكسبون من ورائها ويضاعفون أسعارهم، حتى وصلت إلى مبالغ ترهق ميزانية أولياء الأمور، كل طالب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية يكلف ولي أمره تقريباً 300 دينار كلفة الدروس الخصوصية شهرياً في فترة ما قبل الامتحانات، هل هذا أمر يعقل؟ على الأقل لابد أن تكون هناك رقابة على المعاهد وعلى مدرسي الدروس الخصوصية.
تقول لنا إحداهن: «لا أدري هل ابنتي هي من تدرس أم أنا؟ وكأن الواجبات المدرسية عقاب لي حيث أظل محبوسة في المنزل معها طيلة الأسبوع لا نخرج ولا نستطيع قضاء أمورنا إلا يومي الخميس والجمعة فقط، حتى يوم السبت أظل محبوسة معها أستذكر معها دروسها وأقوم بعمل الواجبات معها! أما الوسائل وما يطلبونه من بحوث فهي تستنزف من ميزانيتي الكثير وفي النهاية أنا من أقوم بها لا ابنتي، وطالعوا المحلات التي تقوم بإعداد البحوث و»الزحمة عليها» حتى تتأكدوا أن الطالب بالأصل لا يستفيد منها إلا شكلياً!!».
هل هناك صعوبة في تشكيل وفد تعليمي تربوي يتم ابتعاثه إلى المدارس في اليابان أو الصين أو كندا على سبيل المثال لمطالعة أساليب وطرق التعليم لديهم ومن ثم تطبيق ما يتناسب معنا في مدارسنا؟
* ملاحظة:
مصدر بوزارة التربية والتعليم تحدث إلينا بشأن استمرار قضية امتناع فنية مصادر تعلم بمدرسة عقبة بن نافع الابتدائية عن أداء مهامها الوظيفية منذ أزمة البحرين في 2011 أي منذ 5 سنوات، ورغم إصدار الوزارة قرار نقلها إلى مدرسة الرفاع الشرقي الابتدائية إلا أنها رفضت قرار النقل، بل أنها تداوم في أحد المكاتب في مبنى آخر يتبع المدرسة، وكنا قد أثرنا القضية قبل عام من خلال صحيفة «الوطن»، ورغم أننا طلبنا توضيحاً من وزارة التربية والتعليم حول تلك القضية إلا أننا لم نحصل على الرد، ولا تزال القضية عالقة، والمصدر يؤكد أن فنية مصادر التعلم لا تزال ممتنعة عن العمل حتى كتابة المقال، كما وردتنا معلومات تفيد بأنها تشترط للنقل الحصول على حافز رتبتين، مما تسبب باستياء زميلاتها في المدرسة، عندما تم منحها رتبة حافز من قبل إدارة المدرسة، والسؤال، لماذا الوزارة لم تقم بأي تحرك؟! ولماذا لم يتم اتخاذ أي إجراء ضدها أو تحويلها إلى لجنة تحقيق؟! وهل معقول أن تكون مكافأة امتناعها عن العمل منحها حافزاً؟!