منذ أن حملنا على أكتافنا أعباء مسيرة توعية الشيعة العرب وتنبيههم من الخطر الكبير الذي يمثله نظام «ولاية الفقيه» بالنسبة لهم، ومن أن هذا النظام يسعى من أجل استغلال وتوظيف الدين عموماً والمذهب الشيعي خصوصاً من أجل أهداف ومآرب ضيقة ومشبوهة، الدين والمذهب منها براء، وأكدنا أن هذا النظام يسعى من أجل مشروعه الخاص المعادي للإسلام والعروبة وأنه ومن أجل تحقيق مشروعه استغل ويستغل الشيعة العرب بشكل خاص في هذا الاتجاه، مع ملاحظة أننا راهنا ومن خلال موقعنا الإسلامي على القطاع الأكبر من الشيعة العرب من أنهم لا يمكن أن يرضوا بمخططات نظام «ولاية الفقيه» وينجرفوا معه خصوصاً بعد أن كشرعن أنيابه وبان على حقيقته.
انتفاضة الشعب العراقي الشريف ضد الفساد ولاسيما قطاع كبير وواسع من الشيعة العرب ورفضهم استمرار الحكومة الفاسدة وهتافاتهم ضد النفوذ وهيمنة الاحتلال الإيراني للعراق «إيران برا برا بغداد تبقى حرة»، إلى جانب هتافات صريحة ضد منبع ومصدر الإرهاب والتطرف والفوضى والفساد في العراق خصوصاً، وبلدان المنطقة عموماً، أكدت للمنطقة وللعالم أجمع كذب وزيف ودجل نظام «ولاية الفقيه» في المتاجرة والمزايدة باسم الشيعة العرب، والزعم بأنهم محسوبون عليه ومؤيدون له 100%، وهذه التظاهرة العارمة وتلك الشعارات الوطنية الصادقة والعفوية التي انطلقت من نفوس وأرواح على سجيتها أثبتت أن قيم ومبادئ الوطنية والإسلام والمذهب أعلى كعباً ومقاماً من أن يتم تدنيسها من جانب الاحتلال الإيراني للعراق.
الشعب العراقي الذي وضع يده على مكمن الجرح وموضع الألم وسمى الأشياء بأسمائها، وحدد بأن أعداءه سبب وأساس بلائه هم الحكومة الفاسدة والاحتلال والهيمنة الإيرانية على بلده بالإضافة إلى قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مهندس بلاء ومصائب العراق والمنطقة وحامي الفاسدين والعملاء المأجورين، ولذلك لم يكن غريباً ولا عجيباً أبداً كيف أن هذا الموقف الوطني والمبدئي الشريف للشعب العراقي والذي أعاد الأمل والثقة مجدداً بالعراق كقلعة للعروبة والإسلام، قد أطار صواب نظام «ولاية الفقيه» ووسائل إعلامه المسمومة التي تطاولت كثيراً على إرادة الحق والحرية للشعب العراقي وسعت للنيل منه بأساليب رخيصة ومشبوهة.
وقد كان رد قاسم سليماني الأوضح والأكثر جلاء، حيث كشف عن حقيقة نوايا ومآرب نظام «ولاية الفقيه» تجاه العراق، عندما طالب الشعب العراقي بالقبول بالاحتلال الإيراني أو أن يدفعوا ضريبة الدم، وهو تهديد ليس وقحاً فقط وإنما في منتهى الصلافة ويثبت للعالم كله معدن هذا النظام وجوهره الإجرامي الحقيقي.
حادثة التفجير الإجرامية التي حدثت في مدينة الصدر والتي وقعت بعد تهديد ووعيد سليماني، كانت رسالة يائسة من جانب نظام «ولاية الفقيه» عموماً وسليماني خصوصاً مفادها اليوم في مدينة الصدر وغداً في مدن عراقية أخرى، وهو منطق يتطابق تماماً مع منطق أي احتلال بغيض آخر يسعى للسيطرة على إرادة وحرية شعب بالتوسل والاستعانة بالحديد والنار، لكن هذا المحتل البائس والذي تحاصره المشاكل والأزمات، يبدو جاهلاً بالتاريخ، ذلك أن أبناء الشيخ المجاهد شعلان أبو الجون وثورة العشرين من الذين هتفوا بوجه المحتل البريطاني في أوج قوته «الطوب أحسن لو مكواري»، ودحروا وهزموا الجيش البريطاني شر هزيمة، لا يمكن أبداً لنظام مهزوز ومشرف على السقوط كنظام «ولاية الفقيه» أن يلوي ذراعه.
افتضاح حقيقة المشروع التآمري لنظام «ولاية الفقيه» والذي يتم تنفيذه على حساب الإسلام والعروبة، يأتي بعد أن دأبنا على تناول نواياه ومطامحه وغاياته السوداء تجاه المسلمين والعرب، وكيف أنه يتربص بهم شراً ويسعى من أجل أن يجعلهم كجسر ومعبر له، وأن ما ارتكبه ويرتكبه هذا النظام على يد سليماني وغيره من جرائم ومجازر وفظائع لاحد ولا حدود لها في العراق وسوريا بشكل خاص، تثبت أن طريق هذا النظام يختلف تماماً مع طريق الشيعة العرب خصوصاً وشعوب المنطقة عموماً التي ترفض هذا النظام بشكل كلي وتقاطعه، وسيغدو الشعبان العراقي والسوري مثلاً وأنموذجاً أعلى لهذه الشعوب في رفض هذا النظام وطرده من بلديهما وإلحاق الهزيمة الماحقة به بعون الله ومشيئته.
اليوم، نحن على أعتاب المؤتمر الوطني العراقي التأسيسي الذي سيعقد في باريس أواخر هذا الشهر والذي نستبشر به خيراً ونعقد عليه الآمال بأن يوحد بإذن الله وعونه ومشيئته الشعب العراقي الشريف، ليقف يداً واحدة بوجه الهيمنة والاحتلال الإيراني البغيض ويسقط مشروعه التفتيتي التقسيمي في العراق والمنطقة ويعيد إلى العراق، بلاد الرافدين، دوره ونبضه العروبي الأصيل.
* الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان