استضافت مملكة البحرين مؤخراً مهرجان البحرين للأضواء الذي استقطب أكثر من 30 ألف زائر، ولامس في فعالياته المتنوعة مختلف الشرائح المجتمعية، خاصة الأطفال، من خلال ألعاب الضوء التفاعلية التي شجعتهم على اللعب والقفز والجري مع عروض الضوء المنتشرة في كورنيش الفاتح.
من الواضح أن هناك أموراً تدعو للتفاؤل وتبشر بالخير، بشأن السياحة، خاصة مع استلام الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض الشيخ خالد بن حمود آل خليفة زمام الأمور، فخلال فترة وجيزة وضحت المنهجية التي يقوم عليها حراكه واتجاهاته في تنشيط السياحة البحرينية بقالب بحريني مميز، كما نلحظ أن هناك نقلة سياحية وطنية قادمة كما هو واضح لمن يتابع انشطته وجهوده في دعم السياحة العائلية الداخلية النظيفة، واهتمامه بإيجاد أنشطة تستقطب العائلات وتلامس احتياجات ومتطلبات المواطن البحريني قبل الخليجي من الناحية الترفيهية والسياحية.
إن الأفكار التي قدمت ضمن فعاليات المنامة عاصمة السياحة الخليجية 2016 كمهرجان البحرين للأطعمة والذي سلط الضوء على سياحة المطاعم التي تتميز بها مملكة البحرين واستضافة عروض ديزني لايف العالمية في مركز البحرين الدولي للمعارض لاستقطاب شريحة جديدة من السياح، وهم أطفال العائلات الخليجية والعربية، ومهرجان الأسواق القديمة الذي ضم مهرجان الحرف اليدوية، وسلط الضوء على ما تزخر به البحرين من حرف ومهن تاريخية مميزة يتم توارثها عبر الأجيال، وأنعش الأسواق القديمة ودفع السياح العرب والأجانب لمطالعتها، كلها أمور تترجم أهدافاً اتجاهاته وطموحاته في جعل البحرين وجهة للترفيه العائلي في المنطقة كما أكد في العديد من تصريحاته.
إن موقع مملكة البحرين الاستراتيجي جعلها منذ القدم محطة تجارية هامة من الواجب اليوم التركيز على جعلها واجهه لاجتذاب السياح الذين ينشدون بالطبع المهرجانات والفعاليات التي تحمل الطابع البحريني التراثي والتاريخي.
عندما نتابع احتياجات المواطن البحريني والخليجي السياحية في مملكة البحرين نجد أن الخيارات محدودة، ولا تتعدى أمور الترفيه التجاري والسينمائي والمطاعم! بل لو تصادف أن المواطن البحريني زاره أقارب خليجيون له، لوجد أن الأماكن التي بإمكانه اصطحابهم إليها وتحوي طابعاً يعكس ثقافة البحرين لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
المواطن الخليجي والعربي عندما يأتي إلى مملكة البحرين للسياحة يأتي لأجل التنقيب عن تراث هذا البلد وعن فعاليات تجعله يلامس الثقافة البحرينية الأصيلة، لذا فلا غرابة أن نجد أن كثيراً من السياح الخليجيين والعرب يحرصون على التسوق من مجمع العاصمة في منطقة كرباباد على سبيل المثال والذي يضم منتجات الأسر البحرينية من باب اهتمامهم بجمع المقتنيات التذكارية والتراثية البحرينية التي تزين منازلهم، فالفكرة التي يقوم عليها هذا المجمع تجربة جميلة من الواجب الاهتمام باستثمارها تجارياً واقتباسها في عدد من مناطق البحرين، لاسيما محافظة المحرق نظراً لموقعها الاستراتيجي وتواجد مطار البحرين الدولي فيها.
لو تأملنا حال الأسواق العالمية اليوم وأوجه السياحة لوجدنا أن هناك عولمة ثقافية تختص بأمور التسوق من حيث المحلات والمطاعم العالمية التي تفتح فروع لها معروفة في المجمعات التجارية، وبالتالي السائح الخليجي أوالعربي في مملكة البحرين لن تغريه ما تحويه هذه المجمعات لأنها بالأصل متوافرة في بلده بل ستجذبه الأماكن الجديدة وليست التقليدية الموجودة أساساً في أسواق بلاده، والأمر نفسه ينطبق على المطاعم ودليل هذا الكلام أن المطاعم التي تحوي الأكلات البحرينية الشعبية والمقاهي الشعبية إلى جانب «محلات التكة على سبيل المثال»، يتزاحم عليها الزوار الخليجيون بكثرة، لذا فإن هناك ضرورة للتخطيط نحو إنشاء مجمع للمطاعم يدعم سياحة المطاعم البحرينية ويكون أحد المعالم الثقافية لدينا بحيث يحوي العديد من مطاعم الأكلات البحرينية والمقاهي الشعبية.
عندما نتساءل عن سر توافد العائلات الخليجية إلى سوق المنامة والمحرق على سبيل المثال نجدهم يقبلون على شراء الملابس التراثية والخليجية، خاصة في فترة «القرقاعون» والأعياد الوطنية، مما يعني أن التخطيط يجب أن يتجه نحو إنشاء مجمع يضم المشغولات والملابس التراثية والتقليدية البحرينية والخليجية من عباءات و»جلابيات» وغيرها، تهتم الخليجيات والعربيات اليوم بها وبنفس الوقت يكون أحد معالم ثقافتنا وسياحتنا.
ولا ننسى أن نستعرض تجربة ملتقى زايد بن محمد العائلي في دبي، وهي تجربة تستحق التأمل والدراسة حيث يضم الملتقى أكثر من 160 متجراً والعديد من مطاعم الأكلات الشعبية ومنتجات مشروعات الشباب والجمعيات الخيرية، وإلى جانب ذلك ينظم العديد من المحاضرات الدينية والاجتماعية التي يقدمها مشايخ وعلماء من مختلف الدول العربية والآسيوية لاستقطاب كافة الشرائح من السياح والزوار وعروض الفرق الشعبية وبيت الشعر وفعاليات المسرح والأمسيات الإنشادية وعدد من الدورات التعليمية والتثقيفية وهذه التجربة التي تستقطب العائلات ومختلف الشرائح والفئات العمرية تعمل على تنشيط السياحة والتجارة في المنطقة، فالعائلة التي تأتي إلى دبي لأجل ذلك ستنفق أكثر من الزائر الذي يأتي برفقة أصدقائه أو وحيداً يوماً أو يومين.
ختاماً، نأمل أن تترجم أفكار فعاليات المنامة عاصمة السياحة الخليجية في إنشاء معالم ثقافية وسياحية دائمة لنا في مملكة البحرين .
* إحساس عابر:
سوق البسطة الذي تنظمه المحافظة الجنوبية سنوياً في حلبة البحرين الدولية من المشاريع المميزة أيضاً الذي يستحق أن يحول إلى سوق دائم شبيه بسوق المباركية في الكويت مثلاً ليكون أحد معالمنا الثقافية.