ريما يتعرض الصحافي وهو يمارس «مهنة المتاعب» للكثير من المواقف خاصة خلال احتكاكه بشرائح مختلفة في المجتمع. ومن أكثر العبارات التي تتردد ويسمعها الصحافي عندما يتبنى ملف قضية معينة، عبارة «أنت تؤذن في خرابة، ما فائدة ما تكتبه إن كانت هناك جهات ربما لا تتجاوب مع ما تكتبه؟»، وهو كلام يعكس ربما قلة وعي بما تتطلبه مهنة الصحافي، وبواجباته المهنية، فهو ليس سلطة تنفيذية أو سلطة تشريعية بل ربما يشترك مع الأخيرة في مسألة الرقابة وطرح الأسئلة على الجهات المعنية، وتسليط الضوء على مكامن الخلل في قضايا مختلفة.
شعيرة الآذان للصلاة من أعظم شعائر الإسلام، وربما يتشابه دور الصحافي مع دور المؤذن، فهو مطالب بإعلاء صوت الحق في مجتمعه، وأن يؤدي الأمانة من خلال مهنته، بأن يراعي الله ويجتهد في نشر كل ما هو خير، ولا يسكت عن الحق، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.
هل المؤذن عندما يؤذن في المسجد لصلاة الفجر، يكون العدد مكتملاً مثل صلاة الجمعة مثلاً؟! هل عندما يتجه لصلاة الفجر ويجد المسجد شبه خالٍ أو لا يوجد به سوى عدد قليل من المصلين، هل يرجع إلى منزله ولا يؤذن؟! كذلك الصحافي مطلوب منه أن يصدع بكلمة الحق ويؤدي واجبه سواء استمع وتجاوب معه اثنان أو عشرون، فالتجاوب معه معادلة غير قابلة للثبات ومتغيرة، لأن هذه هي مهنته ورسالته في مجتمعه من أجل دينه ووطنه. في قضية ما قد يتجاوب معك الجميع وفي أخرى ربما يكون العدد محدوداً.
ومن المحطات التي ربما تواجه الصحافي، التفسير الخاطىء من بعض الشرائح المجتمعية لكتاباته، فقد يمر أحدهم على عنوان مقال ولا يقرأ ما يحتويه، بل يهاجم الكاتب أو الصحافي دون أن يتأكد من اتجاهاته الفكرية ومن الأهداف الحقيقية للمقال، وهناك من يعمم بعض التصرفات الخاطئة أو الكتابات التي لا تحمل هموم الوطن على جميع الأقلام الصحافية!
نقر بأن هناك ممارسات شخصية قد يقوم بها نفر قليل في استغلال المهنه كجسر من أجل مصالح شخصية أو من أجل تصفية حسابات مع بعض الجهات، لكن من الظلم والإجحاف تعميم ذلك على الجميع.
يدرك الصحافي أن هناك مستويات متفاوتة من النضج الفكري للقراء، وهناك نوع من القراء يتعمد الهجوم الشخصي على الكاتب أو الصحافي، وهناك نوع آخر يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي وأسميه شخصياً «القارىء اشمعنى؟»، بمعنى تجده غير ملم بكتابات الصحافي واتجاهاته، وقد يصادف أن يمر يوماً مرور الكرام مصادفة على أحد مقالاته فتجده يهاجم الصحافي قائلاً: «هل انتهت القضايا لتكتب عن هذه القضية»، والتي يجدها القارئ وفق مزاجه الفكري غير مهمة، رغم أنه لو اجتهد قليلاً وراجع ارشيف مقالات الكاتب لوجده قد تطرق للقضايا التي يطلب منه الكتابه عنها، والواجب يقتضي من الصحافي تنويع كتاباته، كما لا يمكن لذلك القارئ أن يقيم القضايا وفق زاويته فقط أو يكررها باستمرار، والقضية التي لا تهمه قد تكون مهمة عند غيره، ويحتاج لأن تتناولها الصحافة. هناك نوع آخر من القراء، لا يفضل أن يخرج الكاتب عن إطار الأمور المعيشية، دون مراعاة الأولويات والظروف التي قد تمر بها البلاد، خاصة عندما تكون الأولويات في مرحلة ما تقتضي التطرق للأمور الأمنية، فالأمن هو الركيزة الأساسية لأي وطن ولا يمكن أمام أزمة أمنية تمر بها البحرين أن يترك الصحافي مهمته كجندي يدافع إعلامياً عن وطنه وينشغل بأمور تعتبر في المرتبة الثانية من الأولويات. هناك أيضاً نوع من القراء ذلك الذي يخلط بين الكتابات الوطنية والكتابات السياسية، رغم أن الأخيرة تعني بالكتابة عن الجمعيات السياسية أو المجلس النيابي وسياسات معينة بعيدة عن القضايا الوطنية فيوصف الكاتب الوطني بالسياسي.
* إحساس عابر:
- نستبشر خيراً بإشهار نقابة الصحافيين التي تأتي كجسر ثانٍ مكمل لجهود جمعية الصحافيين البحرينية وكنوع من أنواع الخيارات المتعددة للصحافي البحريني ومكسب يضيف للأسرة الصحافية البحرينية ونأمل ان تكون النقابة المحامي المجتهد في الدفاع عن حقوق الصحافيين ومتابعة متطلباتهم .
- لا تهتم بجعل قلمك تذكرة لدخول قلوب الناس بقدر ما يهمك أن يكون تذكرة الشفاعة لدخول الجنة بلا حساب او عذاب.