في وقت يحترق صحافيون بنار الكلمة، وتسجل الإحصاءات حول العالم ارتفاعاً في عدد الضحايا ممن اختاروا مهنة البحث عن المتاعب، وفي وقت يجهد فيه الظلاميون لمنع الأفكار من التحليق، فيحجرون عليها ويقطعون أصابع أصحابها، يدعو الصحافيون في البحرين أن يديم عليهم رجلاً وقف بجانبهم بكل ما تعنيه الكلمة للرجال، ساندهم وحماهم، ووفر لهم الغطاء الذي تحتاجه الكلمة المسؤولة منذ أن تولى مقاليد الحكم وأطلق مشروعه الإصلاحي الميمون.
كانت كلمة جلالة الملك المفدى في اليوم العالمي لحرية الصحافة أكثر من برد وسلام، وأكثر من احتفاء، وأكثر من رعاية، كانت تلك الروح الأبوية التي بشجاعتها تشجع الصحافيون فانتقدوا، وبحكمتها أقدموا فأصلحوا، وبقوتها كانوا جندياً أول في حرب كبيرة شنت على وطننا فجأة وأرادت له أن يدخل عصر الظلام والفوضى.
وإن كان جلالة الملك المفدى يفخر أولاً بتوافر الإطار التشريعي الضامن لحرية إصدار الصحف والمطبوعات وتداولها وأمن وسلامة الصحافيين وحصولهم على المعلومات وحظر إهانتهم أو التعدي عليهم، ويفخر ثانياً بأن البحرين لم تشهد سجن أي صحافي أو إغلاق أي مؤسسة صحافية بسبب ممارسة الحق الدستوري في التعبير عن الرأي، فإن الصحافة في البحرين تفخر أولاً بهذا الاحتضان الملكي وتباهي به أمام الصحافيين في الدول الأخرى، وتفخر ثانياً بأجواء الحراك الإعلامي الصحي التي توافرت مع انطلاقة المشروع الإصلاحي، وبالبيئة التقنية والتشريعية التي نتجت بشكل آلي عن فكر يعرف مدى تأثير الكلمة والصورة في هذا العصر وأهمية أن تكون الكلمة حرة لتزداد مناعة الوطن، فازداد عدد الصحف بتوجهاتها المختلفة، وانتهت الرقابة المسبقة على الموضوعات الصحافية، ولم تبق إلا رقابة المسؤولية الوطنية والضمير والقانون. ونقول المسؤولية الوطنية أولاً لأنها إن صلحت صلح البقية.
في مقابل أجواء الحرية التي أتاحها المشروع الإصلاحي، وفي مقابل سياسة الباب المفتوح أمام حرية تدفق المعلومات نهجاً في الدولة، فإن الكلمة تزداد مسؤولية بيد الصحف والصحافيين، لأن الحرية المنفلتة من مسؤولياتها مشروع فتنة، وعود ثقاب قد يحرق وطناً بأكمله. وقد كنا شاهدين أيام الأزمة على عدد من هذه الممارسات، ووقفنا بوجهها بصوت واضح وسنقف دائماً لأن أمن الوطن الذي يأوينا جميعاً أكبر منا جميعاً.
أفرحت كلمات جلالة الملك المفدى أمس الصحافيين. توجيهاته بكادر للإعلاميين يتناسب ودورهم الوطني، وأوامره بالإسراع في خدمات الإسكان للصحافيين، مكاسب إضافية أظهرت دأب جلالته على توفير حياة أفضل دائماً للإعلاميين، وأكدت فكراً راقياً يعرف كيف يقدر الكلمة حق قدرها.
في يوم حرية الصحافة، تعاهد الصحافة الوطنية جلالة الملك المفدى وقراءها على أن تكون الكلمة الحق والسيف الذي يدفع عن البحرين ظلام التضليل مهما كانت الظروف وحتى آخر قطرة حبر ودم.