أصبحت «رؤية السعودية 2030» التي أطلقها ولي ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حديث العالم اليوم وغداً وإلى ما شاء الله، وبالتأكيد، سيقف التاريخ طويلاً أمام هذا الرجل فهو من سيغير ملامح ليس السعودية فحسب، بل والخليج أيضاً. وإن غداً لناظره قريب. ليس لنا أن نتحدث – كبحرينيين – عن هذه الرؤية سوى بالفخر والاعتزاز، ذلك لأننا قد سبقنا الشقيقة الكبرى بنحو عشرة أعوام تقريباً، فأطلقنا «رؤية البحرين 2030» والتي تكاد تكون متطابقة إلى حد كبير مع الرؤية السعودية، ربما يرجع ذلك إلى أن شركة «ماكينزي» للاستشارات، هي من ساهمت في رسم الرؤيتين في كلا المملكتين. لن أتطرق في مقالي عن «رؤية البحرين 2030» وأطلق سيلاً من التساؤلات: أين وصلت، وماذا حل بها وإلى أين انتهت؟ وأنتظر إجابات على أسئلتي، قد تأتي وقد لا تأتي أصلاً. صدقني كما يقول الإنجليز أنا الآن جادٌ، عافاك الله، للحديث عن «رؤية السعودية 2030» فقط، والتي تشكل خارطة طريق لعصر ما بعد النفط، فتراجع بأفكارك ونواياك السيئة قليلاً إلى الخلف، وحاول أن تتأمل بهدوء تحول المملكة الصحراوية من دولة في ركب دول العالم النامي، أو ما يُطلقون عليهم دول العالم الثالث، إلى قوة اقتصادية عظمى عبر صندوق استثمار عالمي بقيمة 2.7 تريليون دولار. كل هذا كان أولاً، أما ثانياً فهو ما سيتحقق بعد أن يتم طرح أقل من 5 في المائة من أسهم شركة «أرامكو» للاكتتاب العام في السوق السعودية وذلك بقيمة 125 مليار دولار (469 مليار ريال)، وهو ما يعادل ستة أضعاف أكبر اكتتاب في العالم حالياً، وهو اكتتاب شركة علي بابا الصينية، الذي جمع نحو 22 مليار دولار، وبالتالي ستصبح «أرامكو» بالقيمة المتوقعة لتقييم السوق البالغة 2.5 تريليون دولار، الشركة الأكبر في العالم، بل ستفوق قيمتها أكبر ست شركات في العالم وهي، «جوجل» «537 مليار دولار»، و«أبل» «524 مليار دولار»، و«مايكروسوفت» «419 مليار دولار»، و«فيسبوك» «327 مليار دولار»، و«بيركاشير هيثوي» «312 مليار دولار»، و«إكسون موبيل» «311 مليار دولار»، كذلك ستصبح أكبر شركة نفطية مدرجة متقدمة على «إكسون موبيل» نفسه والتي تتصدر الترتيب حالياً. أليس لنا أن نفخر بالمملكة العربية السعودية؟! بالتأكيد خصوصاً إذا ما عرفت أن القيمة السوقية للسوق السعودية سترتفع بأكثر من 600 في المائة، وستتضاعف قيمتها بأكثر من سبع مرات وستجعل البورصة السعودية خامس أكبر البورصات في العالم من حيث القيمة السوقية، بقيمة 2.91 تريليون دولار (10.91 تريليون ريال)، بعد بورصات، نيويورك «13.4 تريليون دولار»، وناسداك «3.9 تريليون دولار»، وطوكيو «3.8 تريليون دولار»، ولندن «3.6 تريليون دولار». كل ذلك سيتحقق بعد طرح أقل من 5 في المائة من أسهم شركة «أرامكو» للاكتتاب، رغم أن مجرد طرح 1% فقط «وليس 5 %» سيشكل أكبر اكتتاب في تاريخ الكرة الأرضية، فما بالك لو كان 5 %، علماً بأنه، وإلى الآن خبراء الاقتصاد في حيرة، لا يستطيعون تقييم إذا ما كان السوق العالمي سيتحمل طرح 5% من أسهم «أرامكو» أم لا؟ وربما ستندهش حين تعلم بأن العائد من أسهم «أرامكو» من شأنه أن يتيح المجال لاستثمار نحو أربعة تريليونات دولار في الاقتصاد غير النفطي، معظمها ستضخ من قبل القطاع الخاص في داخل السعودية مما سيمكن ستة ملايين سعودي من العمل في قطاع العمل، وزيادة دخل الأسر بـ60 في المئة. عزيزى القارئ الكريم، نحن تحدثنا فقط عن طرح أسهم «أرامكو» للاكتتاب، وآثارها على السوق العالمي، لم نتحدث عن إعادة هيكلة صفقات الأسلحة العسكرية وإنشاء شركة قابضة لتصنيع الأسلحة بدلاً من شرائها من الخارج، والعائد عن رفع دعم الطاقة والمياه إلى الأثرياء والأمراء والذي سيوفر 30 مليار دولار سنوياً، ولا عن حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة التي تعتزم السعودية تنفيذها، ومن المتوقع أن تحقق مئات المليارات ومن بينها مشروع البطاقة الخضراء، «غرين كارد»، والذي سيمكن العرب والمسلمين من العيش طويلاً في المملكة، وسيكون رافداً من روافد الاستثمار في السوق السعودي ومن المتوقع أن يضيف إيرادات مالية جديدة تصل على الأقل إلى 100 مليار دولار سنوياً. لذلك سأكتفي بهذا الكم من الحديث بعد أن أزفت المساحة المقررة للمقال أن تخلص، رغم أن الحديث عن أرض التوحيد وبلاد الحرمين حديث طويل ولن ينتهي، فأنت تتحدث ليس عن دولة، بل قوة اقتصادية وعسكرية عظمي قادمة، ولن أبالغ حين أقول إن الريال السعودي سيلعب قريباً دوراً رئيساً في التجارة الدولية وسيعتلي عرش العملات العالمية، وسترتبط عملات دول عدة «سعر الصرف» بالريال السعودي أسوة بالدولار الأمريكي، هذا ما يجب أن يحدث ويكون، وأتصور أن دول مجلس التعاون أقرب إلى ذلك ومن مصلحتها أن تفعل ذلك. وسلمولي على إيران.