معروف عن العاصمة المصرية القاهرة بأنها عاصمة لا تنام، فمظاهر الحياة فيها حاضرة وفاعلة على مدار الساعة، كذلك اهتمام العرب بها، فهم لم ولن يناموا عنها، وعمن يتربص بها سوءاً أو يسعى للإساءة إليها، أو المساس بشعبها ومستقبلها، فهي حاضرة العرب.
الحركة لم تهدأ خلال الأسابيع الماضية في القاهرة، فزيارات تلو الأخرى لأبرز القادة العرب، الجميع أكد وقوفه ومساندته لمصر، ودعمه لها، وتم الإعلان عن مشاريع استراتيجية تعزز العلاقات بشكل تاريخي، كل ذلك لمن لا يعرف مكانة مصر لدى العرب.
واليوم تأتي زيارة جلالة الملك المفدى حفظه الله إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة لتكون زيارة استثنائية في وقت استثنائي مع تحديات استثنائية بعقد قمة مهمة لقائدين عربيين استثنائيين.
وتتزامن الزيارة الملكية السامية للقاهرة مع وقت تشهد فيه المنطقة فوضى مستقرة، وصراعات إقليمية معقدة، وتدخلات دولية واسعة تتطلب عملاً عربياً عربياً غير تقليدي، لذلك نشهد حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق من القادة العرب مؤخراً من أجل الحد من تداعيات ظروف المنطقة وصراعاتها.
هناك إدراك تام وواضح من جلالة الملك والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمتغيرات المنطقة، والقمة المقبلة تأكيد للدور القومي المسؤول للبحرين ومصر، وهي مسؤولية تضطلع بها قيادة البلدين بكل حكمة واقتدار.
العلاقات البحرينية المصرية من الصعب اختزالها في كلمات وأرقام، لأنها علاقات تاريخية تؤطرها الهوية العربية والإسلامية المشتركة التي تربط البلدين. وأثبتت وقائع التاريخ حاجة البحرين لمصر، وحاجة مصر للبحرين فهما عمقٌ واحد مصيره مشترك في إقليم يمتد من الخليج إلى المحيط. وشعب البحرين يستذكر جيداً الدور المصري الرائد منذ نحو قرن من الزمن عندما جاءت البعثات من أرض الكنانة لتأسيس نهضة التعليم النظامي في المملكة.
زيارة جلالة الملك المفدى تجديد لالتزام البلدين تجاه بعضهما بعضاً سياسياً وأمنياً واقتصادياً. وهي تقدير كبير من العاهل المفدى للرئيس المصري وشعب مصر العزيز، وتعكس مكانة القاهرة لدى العاهل وجميع البحرينيين.
نتوقع فعلاً أن تكون الزيارة الملكية للقاهرة زيارة استراتيجية تستكمل عدداً من الملفات المشتركة في مختلف المجالات، وهي بلاشك امتداد لقمة دعم مصر التي استضافتها مدينة شرم الشيخ الربيع الماضي.