عندما تسافر إلى أي بلد وتلتقي من يسألك عن أحوال البحرين وما جرى ويجري فيها تطمئنه وتقول إنها بخير وإن الحياة فيها طبيعية، وإن المشكلة التي عانت منها في طريقها إلى الزوال، لكنك تلمح مجموعة من الأسئلة تدور في العيون وتنطق بها الألسنة ملخصها أن ما نسمعه من «المعارضة» سواء في الخارج أو الداخل يستنتج منه أن الأحوال في البحرين صعبة وأن الناس يعيشون مآسٍ ويعانون من عدم الاستقرار، وأنه لم يعد أحد يشعر فيها بالأمان، وأن كل السياسيين والشباب في السجون وأن المستقبل غامض! فتدهش ولكنك سرعان ما تعرف السبب الذي يجعل هؤلاء يعتقدون أن قولك بأن البحرين بخير غير صحيح وأن الصحيح والدقيق هو هذا الذي وصلهم.
هذا يؤكد تمكن «المعارضة» ومن يساندها من دول ومنظمات عالمية من الإعلام إلى الحد الذي يجعل كل من تقول له إن «الأحوال طيبة والبحرين بخير وإن ما يصلك من كلام عنها غير دقيق» لا يصدقك ويرد عليك بما علق في ذهنه من عبارات أدخلت عنوة في رأسه عبر أدوات إعلامية ذات خبرة وصورت له الأحوال في البحرين بطريقة اعتقد معها أنها كما الأحوال في اليمن والصومال وسوريا والعراق وليبيا أو كما في كل هذه الدول مجتمعة، رغم أن كل هذا غير صحيح.
وهذا يؤكد بالمقابل أن إعلام الدولة دون القدرة على المواجهة، وأنه يفتقد إلى الكثير من الأمور التي تجعل منه حائط صد وخط دفاع أول، فعندما يصدق الناس ما يصلهم من ذلك البعض ويعتقدون جازمين بأنه هو الحقيقة والواقع وأنه لا يقبل التشكيك رغم ضآلته فإن هذا يعني أن على الدولة أن تعيد النظر في إعلامها، وأن تعتمد خططاً جديدة تستفيد فيها من الوقائع والحقائق وتبين للعالم أجمع حجم المبالغات التي تعمد «المعارضة» إلى نشرها وكيف أنها تمكنت من الضحك على الذقون حتى صار الكثيرون يصدقون كل ما يأتيهم منها من دون تردد.
في زيارتي الأسبوع الماضي لدولة الكويت الشقيقة التقيت العديد من الأشخاص من مختلف البلدان العربية، كثير منهم سألني السؤال نفسه وعلق على جوابي بالتعليق نفسه، وكان صعباً إقناعه والقول إن ما وصله غير صحيح أو غير دقيق، وإن الواقع يؤكد عكس كل المعلومات التي تمكنت من الولوج إلى رأسه.
الحقيقة التي ينبغي إقرارها والتعامل معها هي أن «المعارضة» على اختلافها تمكنت من اقتحام عقول الناس في كل مكان، وأوصلتهم إلى مرحلة صاروا يعتقدون فيها أن الناس في البحرين على شفا حفرة من النهاية، وأنه لا حياة في هذه البلاد ولا استقرار ولا مستقبل، وأن الدولة فيها تمارس كل أنواع الظلم، وأنه لن يكون مستغرباً لو رأى العالم مواطني البحرين وهم يركبون البحر في هجرات جماعية إلى أوروبا والولايات المتحدة، ويحصل لهم كما يحصل للسوريين.
«المعارضة» نجحت في هذه اللعبة والحكومة لم تنجح رغم الجهود الطيبة التي بذلت في هذا المجال. الأسباب كثيرة ولكن ينبغي عدم الاكتفاء بتحديدها وتدوينها في سجل وإنما على الجهات المعنية في الدولة أن تعمل بجد على وضع الخطط الكفيلة بإفشال تلك التحركات، خصوصاً وأن لدى الدولة ما يكفي من أدلة وبراهين وشواهد على أن ما يتم ترويجه ليقتحم عقول العالم غير صحيح وغير دقيق وغير صادق.
النجاح الإعلامي الذي حققته «المعارضة» بقدراتها وعلاقاتها وتمكنها من رفد الكلام بالدموع جعل كل من يسأل عن أحوال البحرين لا يصدق غير الذي وصله منها ويعتبر ما عداه بعيداً عن الحقيقة ومحاولة يائسة لإقناعه بعكسها.
أجهزة عديدة في الدولة معنية بإصلاح هذا الخلل، فالبحرين ليست بالكيفية التي تصورها «المعارضة» للآخرين، البحرين بخير فعلاً.