مقابل ليلة قضتها مع بوية خليجية في فندق بالتنسيق مع البوية التي قامت بتهريبها من منزلها تلقت تحويلاً مالياً على حسابها البنكي بقيمة 10 آلاف دينار، هذا إضافة إلى الهدايا والهواتف وغيرها من أمور أخذت تتحصل عليها نظير هذا النوع من النشاط الذي يصنف عالمياً ووفق القوانين الدولية أنه «أحد أنشطة الاتجار بالبشر!» .
الأم لا تنام الليل، تبكي وتتجه إلى الله بالدعاء، الأب أصيب بالشلل جراء الفاجعة وأصبح يسافر من بلد لآخر للعلاج، والسؤال هنا: من يعوض أبناءهم الصغار الذين لايزالون بالمدرسة عن فقدانهم لأبويهم وانشغالهم بمسألة أختهم الهاربة بسبب آلية التعامل الخاطئة مع قضيتهم؟
ألم يتسبب دعم نشاط الفتاة تحت غطاء قانوني «عمرها 21 سنة لها حرية التصرف والتنقل والسكن» في التسبب في التفكك الأسري؟ ما ذنب بقية أفراد العائلة في أن يعيشوا معاناة سببها طرف منحرف لم تضبط سلوكه؟ أليس في الدين إن رفض ولي الأمر -على سبيل المثال- تزويج ابنته تلجأ الفتاة للقاضي فيصبح هو ولي أمرها ويزوجها؟ لماذا إذن عندما يعجز الأب عن ضبط ابنته لا تتكفل جهات الدولة بضبط سلوكها الانحرافي؟
إن كانت الدولة عاجزة عن توفير مراكز اجتماعية أو نفسية لمثل هذه الحالات فأقل الضرر إعادتها إلى ولي أمرها لا حرمانه من محاولة إرشادها وضبطها باسم القانون مما يعني فتح الباب لها.
قصة أخرى: «هربت لتقيم في إحدى العمارات التي تمتلكها المدعوة «أم عبير»، المعروفة بنشاطها في عالم الاتجار بالبشر، رغم أن أهلها أحضروا الشرطة إلى العمارة للقبض على ابنتهم، وهي في شقة بداخلها رجل ومجموعة بنات من جنسيات عربية، ورغم توجههم إلى الجهات المعنية بالدولة لاستلام ابنتهم، إلا أنهم منعوا من ذلك بل كان الحكم في صالح ابنتهم، لتعود إلى هذا العالم دون مراعاة الآثار المترتبة على أسرتها، سنين مضت، كلما تورطت الفتاة في مأزق مالي عادت لأسرتها وقد أبدت أسفها على ما فعلته وادعت التدين والتوبة حتى تلتزم أسرتها بسداد ديونها المتراكمة جراء هروبها من المنزل، وكلما سددت عائلتها المبالغ عادت للهروب مجدداً بعد أن تتواصل مع المدعوة «أم عبير» أو أصدقائها. قالت الفتاة ذات مرة لأسرتها وهي تشرح تفاصيل العصابة التي جعلتها تهرب وغررت بها: «كانوا يطلبون مني الجلوس في أحد الفنادق التي تبيع خمراً لاصطياد الزبائن وكانت لي نسبة من فاتورة الزبون والمطلوب أن يكون سعر الفاتورة مرتفعاً، ذات ليلة نسقوا لي مع زبون عجوز «ما أطيقه»، فهربت من نافذة الحمام وقد سقطت من ارتفاع شاهق بعد أن أخذت المال منه وطلبت منه انتظاري في الغرفة»!!
تكمل الفتاة: «سافروا بي لدولة خليجية مجاورة وكانوا يوجهوننا إلى زبائن من نوع آخر، أردت العودة لكم بعد أن نهضت يوماً لأكتشف أن الفتيات اللواتي معي سرقن كل أموالي وملابسي وهربن وتركنني في عمارة كنا قد قمنا بتأجيرها لمدة سنة باسمي وليس عندي المال لسداد إيجارها، فتم تهريبي من قبل أحدهم إلى البحرين مجدداً»!
مثل هذه القصص وغيرها تعد بركاناً مختبئاً لم ينفجر «مجتمعياً» بعد، ومن يقول إنها مجرد حالة أو حالتين ولن يصلوا إلى مستوى الظاهرة نقول له «وهل أنتم تنتظرون أن تزيد في كل منزل حتى تتصرفوا وتقومون بمعالجتها؟ هل تنتظرون أن تتحول إلى ظاهرة حتى يأتيكم أهالي هؤلاء ويصعدون الموضوع بالتقدم بشكاوى في الأمم المتحدة بدعوى تزايد حالات الاتجار بالبشر؟ هل هذا ما تريدونه؟
وقعت مملكة البحرين في عام 2008 على اتفاقية مكافحة الاتجار بالأشخاص، «قانون رقم «1» لسنة 2008» ولذا فهي حسب البروتوكول الدولي المتعلق بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص بخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة شأنها شأن بقية الدول الموقعة ملزمة بمنع ومكافحة الاتجار بالأشخاص مع إيلاء اهتمام خاص «ركزوا هنا» للنساء والأطفال وحماية ضحايا الاتجار ومساعدتهم «والضحايا هنا بالمناسبة ليسوا فقط هؤلاء الفتيات المغرر بهن بل أيضاً عائلاتهن».
في المادة السادسة البند الثاني، تكفل كل دولة طرف احتواء نظامها القانوني أو الإداري الداخلي على تدابير توفر لضحايا الاتجار بالأشخاص في الحالات التي تقتضي ذلك ما يلي «معلومات عن الإجراءات القضائية والإدارية ذات الصلة». نظرة مستقبلية بعيدة المدى لمن يراعي المصلحة الوطنية وألا تستغل مملكة البحرين ويجد من يريد بها سوءاً ثغرة لممارسة الضغوط الدولية عليها من هذا الباب.. لم لا تتم مراجعة الإجراءات القضائية والإدارية الحاصلة بمثل هذه القضايا ومعالجتها وفق قوانين الشريعة الإسلامية؟ هل هناك قوانين صريحة تسد الثغرات التي تتحايل بها عصابات الاتجار بالبشر لاستغلال الفتيات؟