ليعذرنا البعض على هذه الصراحة الشديدة، ولكن ليثق من يقرأ المقال إنه من أجل المصلحة العامة، فالنقد وإن كان يحمل شيئاً من العتب إلا أن الغرض منه الوصول لحلول.
من يتابع أخبار المحرق منذ عدة سنوات يلاحظ أن هناك شيئاً من التعطيل لعدد من مشاريعها، خاصة البلدية والخدماتية كتطوير حديقة المحرق الكبرى، وسوق القيصرية، وتطوير سوق المحرق، ومواقف السيارات، وتطوير الفرجان القديمة، وتوفير سواحل وغيرها، هناك من يحلل الوضع القائم على أن الكثير من الأطراف في المحرق انشغلوا في الخلافات فيما بينهم، وفي تصعيد المشاكل بدلاً من محاولة حلها، بل هناك من بات هو المشكلة «بكبره» بدلاً من أن يكون الجهة التي توجد الحل!
كثير من المواطنين في المحرق باتوا يشعرون أن المشكلة ليست في تنفيذ المشاريع بل في آلية تداولها! سنون طويلة تمضي، بدلاً من العمل والإنجاز أصبح الاتجاه والتخطيط ما العمل مع هذا وذاك! بات المواطنون يشعرون أن كثيراً من الأطراف أخذت تقدم مصالحها الخاصة خاصة التجارية والاستثمارية قبل المصلحة العامة، وهو شيء واضح وإن حاول البعض القيام به من الباطن!
لربما الخطاب الإعلامي «نقول لربما» في قضية الصناديق الحالية التي تسور البحر كانت يحتاج لتعامل أكثر حنكة واحتواء، من الواضح أنه كانت هناك حاجة لمن يجلس مع البحارة ويشركهم في القضية من باب إطلاعهم على هموم أهل المحرق وتطلعاتهم بأن يحرر الساحل الوحيد الباقي كملك عام ويطور، ليكون متنفساً لهم يخدم السياحة العائلية الداخلية النظيفة، كانت هناك حاجة من باب الشراكة المجتمعية لدفع البحارة لأن يكونوا شركاء في الحل لا خصوماً وأحد أسباب المشكلة! وذلك بالاقتراب منهم والنزول ميدانياً والجلوس معهم على طاولة النقاش بعقلانية، وإيصال رساله لهم مفادها: «تطوير الساحل لا يخدمك أنت فقط بل يخدم أهلك وعائلتك وحتى أحفاد أحفادك».
المواطن العادي في المحرق أيضاً يحتاج لطمأنته بأن مسألة إزالة الصناديق لا تعني تسليمه لمستثمر حتى يثق ويدعم قرار تطوير الساحل، ويخرج صوته ويبرز موقفه بشكل أقوى من الحالي، وحتى لا يلتزم الصمت ويكون سلبياً في مواقفه، عندما تتوارد له أنباء أن هناك مخططاً من سنتين لتسليمه إلى أحد المستثمرين وأن من ينادون بتحريره قد تكون لهم مصالح في ذلك!
سنون طويلة مضت ما بين توارد أخبار عن تطوير الساحل وخروج توجيهات بذلك ثم إيقافها وتعطلها وتقاذف الأدوار ما بين عدد من المؤسسات والجهات! سنون طويلة والمواطن على أرض المحرق وهو يحسب كمية المشاريع المعطلة بات يقول أحياناً «الله يفك عوقج يا المحرق!».
مع تقديرنا لبعض أعضاء المجلس البلدي الذين صعدوا موجة الوقوف مع بعض أصحاب الصناديق نقول لهم: أين حياديتكم وموضوعيتكم؟ ألستم ممثلين عن كل الشعب؟ كيف ترضون على أنفسكم أن تنحازوا لطرف دون الآخر؟ أين وعودكم البلدية بإيجاد ساحل عام للمواطنين؟ هذا وعد منا أن نذكر بمواقفكم تلك في الانتخابات القادمة في 2018 إذا شاء الله «وأحياناً». لا يعقل أن يقوم طرف بالتكسب على حساب غضب الناس واستيائهم، بدلاً من محاولة التهدئة والمعالجة التي تجعل جميع الأطراف «ربحانه لا خسرانه»، هل تعتقدون أنكم بوقوفكم مع جمع من البحارة أنكم كسبتم كل الأطراف؟ أهل المحرق أذكى من مواقفكم بكثير ويعلمون من يبحث عن المصلحة العامة ومن يبحث عن مصالحه الانتخابية والمستقبلية الخاصة!
المحرق اليوم تحتاج لأشخاص حياديين يمتلكون مهارة النظر إلى المستقبل، لإدراك أن الوضع الحالي قد يفتح أبواباً للبحرين مستقبلاً نحن في غنى عنها وأنتم أدرى بمن نقصد، أصحاب هذه الصناديق وضعهم خاطىء، فالمخالفون يجب أن يكون هناك حزم تجاههم لإزالة صناديقهم بل يجب على البحارة أن يتعاونوا للتبليغ عنهم ودعم إن تزال صناديقهم خاصة أولئك الذين ليسوا من أهل المحرق، والبحارة المفترض من أنفسهم أن يدركوا أن تسوير البحر بصناديقهم يجعلهم يحتكرون الساحل الوحيد الباقي لأهل المحرق وأنه من المفترض عليهم أن يشكلوا وفداً ويطلبوا من الحكومة إنشاء مرفأ للهواه. حس المصلحة العامة والحس الأمني يجب أن يظهر في هذه المواقف من أهل المحرق أنفسهم قبل الجهات الرسمية، نحتاج إلى ترسيخ مبادىء الشراكة المجتمعية وهذا ما عهدناه دائماً من أهل المحرق بمن فيهم البحارة ولابد من لغة تشجع البحارة على التعاون لا تنفرهم وتحولهم لأعداء.
أسوأ ما في أي قضية أن تحاول أن تحرم مواطن من حرفته أو هوايته التي يعتبرها جزءاً من تاريخه وثقافته وامتداده، أهل المحرق بالعموم أهل بحر، يحتاجون اليوم لشاطىء عام بدلاً من السيناريو المعتاد، تسوير بحورهم بالحجارة وتحويلها لمماشي، يحتاجون لأن ينقلوا للجيل الحالي والقادم هذا التاريخ ويضمنوا أنه لن يندثر أو يهمل، يحتاجون لأن يكون لهم بحر عام بدلاً من الاتجاه لبحور الفنادق التي ليس الجميع يرتاح بالجلوس فيها، أو السفر الى الخارج، فمن غير المعقول أهل البحرين يسافرون للخارج من أجل البحر! نعم هناك جهات بالدولة من الواجب أن تتحمل مسؤوليه عدم متابعة هذه المنطقة وبل «وغلطتهم» في جعلهم يجلسون سنين طويلة داخل هذه الصناديق حتى اقتنع أصحابها بأنها حق خاص وتحولت لملك لهم، سواحل المحرق والمحرق بالعموم بحاجة اليوم إلى إنهاء سيناريو مسلسل «كلاً يجر النار صوب قرصه !».