«إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة»، صدق الله العظيم.
نذكر السادة الأفاضل نواب الشعب وهم يستعدون للتصويت على ما يسمى باتفاقية «السيداو، CEDAW»، بهذه الآية الكريمة كما نذكرهم أيضاً، أن جهنم لا يوجد فيها مراوح.
واثق ثقة عمياء في الكثير من السادة النواب «إلا البعض منهم» ولا أشك - ولو قيد أنملة - برفضهم لهذه الاتفاقية خلال جلسة اليوم، حتى وإن اعترض أو تحفظ أو شاغب البعض، ولن ألمح أو أفصح أكثر من ذلك، حتى لا أجرجر من قفاي إلى النيابة، وأترك المعنى حبيس قلب الشاعر.
تعالَ أولاً نسلط الضوء على أسوأ وأخبث وأقبح ما في هذه الاتفاقية، والسم الزعاف الذين يريدون أن نشربه، فبالأمس وإن كانوا غزو بلادنا، واحتلوا أرضنا، وشتتوا شملنا، ووضعوا الخرائط الجديدة، ورسموا الحدود، من أجل بقاء إسرائيل قوة عنصرية محتلة وآمنة، فإنما جاؤوا اليوم لتهويد الدين وتقسيم الإسلام «سني وشيعي»، وتغيير ثقافة الشعوب المسلمة وسلخها عن ماضيها وتاريخها!!
جاء في المادة «2» الدعوة إلى إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة في القوانين والتشريعات وفرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل و»تغيير» و»إبطال» القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، وهذه المادة بفروعها من أخطر المواد في اتفاقية «السيداو»، لأنها تعني «إبطال» و»إلغاء» كل الأحكام الشرعية المتعلقة بالمرأة وخاصة في العقوبات كحد الزنا، ونظام الميراث في الشريعة الإسلامية.
أما الطامة، فهي المادة «16»، والتي تعتبر من أخطر مواد الاتفاقية على الإطلاق لأنها تمثل حزمة من البنود التي تهدد الهويّة الوطنيّة وتتجاهل معتقدات شعوب العالم ومنظوماتها الاخلاقية والقيمية وأنساقها الإيمانية، وتدعو إلى المساواة بين الذكر والأنثى في الزواج، وحقوق الولاية والقوامة والوصاية على الأولاد، وحق اختيار اسم الأسرة، وإلغاء ولاية الأب على البنت البكر، وإبطال منع المسلمة من الزواج بغير المسلم، المنصوص عليه في كتاب الله عز وجل: «وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ»، وكذلك إلغاء طاعة الزوجة للزوج، وتجريم تأديب الأبناء وبالتالي رفع ولاية الأب على الأبناء.
كما تسمح هذه المادة بإلغاء العدة الشرعية للمرأة في حالتي الطلاق ووفاة الزوج، لتتساوى بالرجل الذي لا يعتد بعد طلاق أو وفاة زوجته، وهذا مخالف لنصوص الكتاب والسنة، لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ».
كما تلغي هذه المادة ما أوجبته الشريعة من حقوق على الزوج لزوجته من المهر والنفقة، وتأثيث منزل الزوجية، والتكفل بالنفقة وغير ذلك، وتتجاهل وضع الأسرة كمؤسسة مكونة من زوجين، وتسمح بأن ينسب الولد لأمه!!
للأسف، لم تعد لدى مرارتى الطاقة للاسترسال أكثر في الكتابة، كما أن رصيدي من المساحة المقررة لي بدأ ينفذ، لذا لزوماً أن أختم مقالي، ولعلك إن فتشت عن سر المصائب والحروب والفتن التي عشناها منذ خمس سنوات تحت ما يسمى بـ «الربيع العربي» لوجدتها خير خاتمة لحديثي، لأنها نابعة من نظرية كوندليزا رايس في تقسيم المقسم وتفتيت المفتت، والذي كثيراً ما ننساه سريعاً ولا نتذكره إلا حين تزيد فداحة ثمنه.
يا أصحاب العقول والألباب، لم يعد التآمر على الإسلام ضرباً من الخيال، أو من قبيل نظريَّة المؤامرة بل أصبحت واقعاً نعيشه ونتلمسه ونحياه كل يوم، ولا أدري، هل سيكون مجدياً أن نذكركم بما قاله الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، حين وقف خطيباً في الاتحاد المسيحي اليهودي: «سنرغم المسلمين على حلق لحاهم، ونزع حجاب نسائهم، وإدخال الشذوذ إلى كل بيت»، ليبدد عندكم الشكوك.
ليس في كلامي نوع من التهويل كما قد تظنون، مع أن التهويل في ظل الظروف الخانقة التي نعيشها ليس عيباً، بل مطلوباً لأخذ الحيطة والحذر، لأن القضية اليوم ليست التآمر على بلاد المسلمين، فحسب، بل على الإسلام بأكمله.