بعد أن نشرت صحيفة «الوطن» مقالاً لي يحمل نفس العنوان بتاريخ 25 فبراير 2016، شعرت بأن هناك الكثير لأقوله في هذا الخصوص، وبالتالي أردت أن أستكمل من حيث انتهيت في المرة السابقة. فموضوع بناء الذات بحرٌ من الأفكار والمفاهيم لا حد له، ولا يمكن حصر كل المسائل في مقالٍ واحد. فلنبحر مجدداً في أعماقنا ولنبحث عن شغفنا وبهجتنا.
إن التعرف على الذات هو أول خطوة لتوظيف الطاقة في الموضع الصحيح، حيث وهب الله عز وجل كل إنسان مقومات تعينه على أداء وظائفه اليومية ورسالته الحياتية، لكن البعض لايبرزون مواهبهم خشية الفشل، أو أنهم لا يدركون أنهم يمتلكون ما يكفي من مقوماتٍ للبروز والنجاح. فالفشل لا يكمن في عدم تحقيق النجاح، وإنما يكمن في عدم المحاولة لتحقيق ذلك النجاح، والبروز بمعناه الأصلي ليس مبنياً على الشهرة، بل هو مبني على السمعة.
يجب أن يعرف المرء ماذا يريد بالضبط؟ فالطموح هو الدافع وراء كل خطةٍ ومسعى، وبالطموح تتضح لنا الرؤية. أما الإيمان فهو السلاح الذي نحتمي به ضد كل عثرةٍ تعترض سبيلنا لتحقيق مرادنا. وفي ميدان الحياة، يخلق الإنسان الطموح أكثر من مسارٍ لتحقيق هدفه. فإذا كان هناك مسارٌ عائق، فإن البدائل موجودة. والمبادرة هي جواز سفرك في رحلة النجاح، والحياة مليئة بالفرص فاحرص على اغتنامها قدر الإمكان. ومن صفات الإنسان الناجح أنه مستقل بشخصه وفكره، والاستقلالية هنا لا تعني العزلة، وإنما تعني التميز. وفي عالمنا المليء بالمشاكل، أصبح المنطق والحكمة لا مكان لهما في زمنٍ صار الجهل والنفاق أكبر وباءين يهددان مجتمعنا. لكن الخير لا يموت أبداً حتى وإن علا شأن الأشقياء واتسعت رقعتهم. ولو كان الناس على شاكلةٍ واحدة، لما قامت دولٌ وحضارات. ومن الحكمة أن نضيق دائرة الخصومات بالتغاضي عن سفاسف الأمور وتجنب المشاكل. فأفضل وسيلة للتغلب على خصمك هو أن تكسبه، ولا تدخل معتركاً طواعيةً وأنت تعلم أنك خاسرٌ فيه.
الصديق هو نعمة عظيمة، فالصديق هو من يتقبلك كما أنت، وهو من يسعد بصحبتك ويكتم أسرارك حتى وإن علم بعيوبك أو فرقكما الدهر. وإذا أردت أن تتقصى عن أي شخص، فاسأل أولاً عن معدنه.
وما أجمل أن نتفاخر بآبائنا وأجدادنا وتاريخهم الحافل بالعطاء، لكن الأمر قد يصل في كثير من الأحيان إلى أن ينسى المرء نفسه وما أعده لحاضره ومستقبله. فلماذا لا نصنع تاريخاً لنكون حديث الأجيال القادمة؟
أصدقكم القول أيها الإخوة والأخوات بأنني أجد صعوبةً في فهم ما يجول في خاطر كل شخص يعيش حياةً قائمةً على المظاهر والخداع. فالصراحة وجدت لإظهار الحقيقة وبيان الواقع ووضوح الصورة، وكلما كان الشيء بسيطاً، كان جوهره ظاهراً.