ابتليت أوطاننا منذ عقود بمن يتبع الخارج باسم الدين تارة أو المذهب تارة أخرى، دون أدنى اعتبار للانتماء الوطني الذي اختزل في انتماءات أضيق فصارت هي الهوية والولاء.
من يبني الأوطان لا يمكن أن يتبع أي طرف في الخارج، مهما كان هذا الطرف؛ حكومة أو تنظيماً أو أيديولوجيا. فالوطنية دائماً ما تكون متناقضة مع التبعية، والأخيرة لا تبني الأوطان بل تهدمها.
عانت البحرين كثيراً من أيديولوجيا ولاية الفقيه وتنظيماتها، حتى انتشر الإرهاب باسم الحقوق والدين، والدين منه براء. ولم تتخلص الدولة من هذه الأيديولوجيا الثيوقراطية الراديكالية، إلا وظهرت أيديولوجيا داعش، وهي لا تقل عن الأولى خطورة وتطرفاً.
تعريف التبعية للخارج لا يمكن أن يكون أقل من الخيانة، فلا مكان لمن خان أرضه وقيادته وشعبه، ومن غير المقبول بتاتاً التعامل مع من ارتضى لنفسه بيع وطنه بثمن بخس تحت وعود وأحلام واهية من هنا وهناك.
كما حاربت الدولة البحرينية من سعى لخرابها ونشر الإرهاب فيها، عليها أيضاً محاربة من خان بلده، وارتمى في حضن الأجنبي القريب، أو الأجنبي البعيد.
من المؤلم جداً أن نرى أشباه البحرينيين في لقطات مصورة أو متلفزة عبر شبكات التواصل الاجتماعي يجتمعون مع الأجانب في جنيف أو لندن أو واشنطن وغيرها من العواصم، يبحثون قضايا البحرين وشؤونها الداخلية. إلى هذا الحد باتت الخيانة مكشوفة وعلنية بوقاحة، وسط صمت حكومي رسمي.
شخصيات بحرينية تدعي أنها حقوقية وسياسية تتنقل بين القارات والعواصم برعاية الحكومات الأجنبية، تشوه سمعة الدولة، أو تعقد الاجتماعات مع المنظمات الأجنبية لزعزعة أمن واستقرار البلاد الآن ومستقبلاً. بعد هذا كله تعود هذه الشخصيات إلى البحرين لتمارس حياتها العادية، وتواصل عملها من الداخل ضد الدولة، دون مساءلة أو محاسبة.
ليس منطقياً أن يسمح لمن انتفع بخير البلد إضاعة هذا الخير عبر السعي لهدم الدولة أو المساس بمكتسباتها ومقدراتها.
حان الوقت الآن لمحاسبة كل من سولت له نفسه المساس بسيادة البحرين، أو باع نفسه للحكومات الأجنبية، والمنظمات الدولية. نؤمن بأن قوانيننا الوطنية، ومؤسساتنا الدستورية قادرة على التعامل مع هؤلاء بحزم وحسم، ولكننا بحاجة لقرار عاجل، فالوطنية لا التبعية.