الحقيقة الثابتة اليوم هي أن تطورات الأحداث في المنطقة وفي الداخل لا تصب في مصلحة من لايزال مصراً على تحقيق ما يحلم به واختار الطريق الدخيل على شعب البحرين وتسبب على مدى خمس سنوات في إحداث الفوضى في البلاد. هذا يعني أن كل ما يقوم به حالياً بمساندة الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها فضائية «العالم» الإيرانية لا قيمة له ويدخل في باب الجهد الضائع، بل على العكس يعود عليه بالمضرة ولا يربح منه سوى الأجنبي الذي ينتظر الفرصة ليقتنصها. من هنا فإن العقل يدفع نحو قراءة المشهد بدقة وإعادة النظر في كل هذا الذي يتم تنفيذه ولا ينتج مفيداً.
هذا واقع يفترض أن ذلك البعض تحديداً قد انتبه إليه جيداً، خصوصاً وأنه يدعي أنه ضليع في السياسة، كما يفترض أنه صار يدرك أن السباحة عكس التيار عملية لا يأتي منها إلا الضرر. في مثل هذه الأحوال التي تمر بها المنطقة لا يجد العاقل مفراً من الركون إلى الهدوء والانحناء للعاصفة حتى تمر، عدا هذا فإن كل ما يفعله يكون هو أكبر المتضررين منه.
اليوم ليس كالأمس، الظروف اليوم لا تعين ذلك البعض على تحقيق أية مكاسب بل لا تعينه حتى على التحرك، والإصرار على الاستمرار في ما يقوم به نتيجته المنطقية تعرضه للخسارة وتعريض أبناء الناس للخطر. اليوم ليست حكومة البحرين وحدها التي تقف ضد ذلك البعض وما يريد ولكن كل حكومات دول مجلس التعاون تقف ضده، ولأنه لا يمكن لذلك البعض أن يقف في وجه كل هذه الحكومات لذا فإن المنطق والواقع والعقل يستوجب منه إعادة قراءته للساحة وإعادة حساباته، فالظروف التي بنى عليها غاياته وأهدافه تغيرت والرياح لم تعد تسير في صالحه ولا تعينه على التحليق.
حتى إيران التي يشد بها ذلك البعض ظهره بدأت في إعادة تقييمها للأمور، والواضح أنها أعادت قراءتها للساحة ولتطورات الأحداث فيها بعدما تبين لها أنها ليست في صالحها، بدليل ما تقوم به حالياً من محاولات تهدف إلى تخفيف التوتر وترطيب الأجواء بغية تحسين علاقاتها مع دول التعاون عبر وساطة كويتية بدأت تتكشف ملامحها، حيث قام وزير الداخلية الكويتي قبل أيام بتسليم رسالة من سمو أمير دولة الكويت إلى قادة دول التعاون تتضمن رغبة إيران في فتح صفحة جديدة وتحسين العلاقات.
وبغض النظر عن مدى تفاعل دول المجلس مع الرغبة الإيرانية فإن الأكيد هو أن إيران انتبهت إلى أن الأمور لا تسير في صالحها وأنها لا تستطيع في ظل هذه الظروف أن تحقق أية مكاسب وأنه لم يعد أمامها سوى أن تخفض من سقف تطلعاتها وتبادر بعمل قد تسترد به ثقة دول التعاون والمنطقة، لذا أسرعت بإيفاد وزير استخباراتها إلى الكويت ليسلم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد رسالة من الرئيس حسن روحاني تتضمن هذه الرغبة.
ما ينبغي أن ينتبه إليه ذلك البعض أيضاً هو أن تقارب إيران ودول مجلس التعاون وتفاهم الطرفين لو تم لن يصب في صالحه أبداً، فإيران وبعد كل هذا الذي تعرضت له حتى لم تجد بداً من السعي للتهدئة أملاً في المصالحة لن تتأخر عن التفريط بكل فريق قد يعيق تحقيقها لأهدافها، ففي مثل هذه الظروف لا تجد دولة مثل إيران غضاضة في التملص من تعهداتها ووعودها لذلك البعض ولكل بعض سعت لاستغلاله في يوم من الأيام واعتقد أنها ستظل ملتزمة بوعودها طال الزمان أم قصر.
إعادة قراءة المشهد من جديد مع الانتباه للمتغيرات والتطورات مسألة ينبغي من ذلك البعض أن يدركها كي لا يضيع وينتهي.