طالب الجنرال سعيد قاسمي -وهو أحد قياديي الحرس الثوري الإيراني وقائد ميليشيات «أنصار حزب الله» التابعة مباشرة للمرشد الإيراني علي خامنئي- طالب بـ«احتلال البحرين» وضمها إلى إيران، زاعماً بأن بلادنا «محافظة إيرانية مقتطعة»!
وقبل الإسهاب، أقول فقط بأن «قطع الله» رأس أحلام إيران الصفوية وأطماعها في بلاد الخليج والعروبة، قبل أن تفكر مجدداً باقتطاع ذرة تراب من البحرين التي ستظل عصية عليهم.
لكن المهم في هذا المسألة هنا، بأن تصريحات قاسمي تأتي في وقت تحاول فيه إيران بل تستميت لأجل «استرضاء» دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية، خاصة في ظل ما يحصل في الأحواز العربية التي يمارس فيها نظام خامنئي الجرائم مثلما يفعل عميله بشار الأسد ومرتزقه حسن نصرالله في سوريا، ووضوح مؤشرات على فقدان إيران لتوازنها في الجبهتين، مع عدم نسيان انسحاب القوات الروسية وتأثير ذلك على الوضع.
الكويت التي سعت إيران لتمرير رسالة «طلب الصلح» عبرها بينت من خلال نائب رئيس مجلس الأمة موقفها بالأمس من أن إيران ليس عليها فقط أن تعلن «حسن النية» مع دول الخليج العربي، بل عليها أولاً أن تقر وتتعهد وتلتزم بعدم التدخل في شؤون دول الخليج العربي وتحديداً البحرين بالإضافة لسوريا واليمن.
لكن طبعاً هذا الكلام الإيراني «الضبابي» مرفوض تماماً، وأعلنت ذلك السعودية من فورها بالإضافة لدول الخليج، فمن سيصدق اليوم أن إيران ستصدق فيما تقوله؟! إذ واضح بأن ما تسعى إليه بنفس أسلوبها المعتاد، المتمثل بعملية كسب الوقت لالتقاط الأنفاس، وهي الحالة التي يجب أن تستفيد منها دول الخليج وأيضاً التحالف العربي الإسلامي بقيادة السعودية لكسر شوكة هذا الشر الفارسي الذي يهدد بلداننا.
لكن الفكرة هنا بأن تصريحات قاسمي وهو شخصية رسمية مقربة من خامنئي لا يجب أن تمر هكذا مرور الكرام، ولا يجب أن يتم السماح لاستمرار الكلام الإيراني الرسمي الكاذب بأنه «لا تدخل في شؤون البحرين»، إذ أمامنا تصريحات صريحة تدعو لاحتلال البحرين، وهي المسألة التي تستوجب تصعيدها رسمياً لتصل إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليسجلوا فيها موقفاً صريحاً، وليعبر بان كي مون الأمين العام عن «قلقه» أقلها في هذا الشأن، وطبعاً يجب أن تواجه فيها الإدارة الأمريكية ورئيسها «المغازل لإيران» ليخبرنا عن رأيه حينما تقول صديقته إيران بأن «البحرين جزء من محافظة بوشهر ويجب استعادتها».
طبعاً لسنا نعول أساساً على الأمم المتحدة وأمينها «القلق» ولا على الولايات المتحدة ورئيسها الذي سيتغير قريباً، والذي «نضح السم» الذي في داخله الأسبوع الماضي عبر وسائل الإعلام الأمريكية، وبين بوضوح للعالم بأن أكثر صفة لا بد من تواجدها لدى الجالس في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، هي القدرة على التمثيل والكذب والمناورة واللف والدوران، وأن تقول لعدوك الكلام الذي تقوله لصديقك. لكن الشاهد هنا بأن الإشارة لما يصدر عن جارة الشر، الدليل الصريح على الاستهداف، بالتالي هو «الحجر» الذي سنلقمه لأي «متفلسف» علينا بشأن علاقات دول الخليج العربي مع إيران.
لكننا سنشير هنا لنقطة أخرى لها تصب في اتجاه ما نقوله وتثبته وتؤكد عليه، وهي المعنية بالخلايا الإيرانية الموجودة في دول الخليج العربي، سواء المتمثلة بـ«العملاء» الذين يتم زرعهم وتجنيدهم، أو الخلايا النائمة التي تجمع المعلومات وتحشد الصفوف، أو الطوابير الخامسة التي هي مستعدة حينما تحين «الساعات الصفرية» للتحرك المباشر على الأرض لتخدم الهدف الإيراني الأول وهو «احتلال البحرين».
أشير هنا إلى تصريحات المرشح لانتخابات مجلس الشورى الإيراني محمد بخشي، إذ هذا الرجل وضع في برنامجه الانتخابي مطلباً يتمثل بالآتي: «ضرورة توفير الدعم اللازم لحلفاء إيران في البحرين».
حلفاء إيران في البحرين، فقط هذه الجملة ضعوا تحتها ألف خط، ولنطلب من محمد بخشي التوضيح بمن يقصد بالحلفاء الإيرانيين بداخل البحرين؟!
طبعاً يمكننا أن نجيب عوضاً عنه، لأن الخارطة واضحة لدينا، ولأن مواقف «حلفاء إيران داخل البحرين» موثقة ومسجلة وبانت بشكل جلي في انقلاب 2011، لكن بيت القصيد هنا هو أن إيران لا تنفي ضلوعها أبداً في أحداث البحرين، وفي تشكيل صفوف العملاء وتجنيد الطوابير الخامسة، وأن فضحهم وكشفهم دائماً ما يتم عبر تصريحات حماسية تصدر عن العناصر الرسمية في نظام خامنئي.
نعم لدينا «حلفاء لإيران» داخل البحرين، وهم الأشخاص والجهات الذين ترونهم أول من يصرخ ويزمجر ويقسم ويحلف بأن «لا دخل لإيران بنا»، وأن ما يحصل لدينا «حراك مطلبي لا دخل لإيران به»، وأن «بسيوني برأ ساحة إيران»، وطبعاً يقولونها بنبرة المنتصر الفرح ببراءة حبيبه، لكنها كلها دلائل تفضح «الحلفاء الإيرانيين داخل البحرين».
خلاصة القول، لا أمان مع أفعى سامة كإيران، تعاود نفث السم كلما حانت الفرصة، ولعملائها في الداخل، لا يوجد أنسب من قول وزير الداخلية البحريني «من يريد إيران وولاية الفقيه فليذهب إليها»، وإلا فإن القانون هو الفيصل في محاسبة كل خائن وعميل.