استخدام الصحافيين لمواقع التواصل الاجتماعي وطبيعة ما ينشر على حساباتهم بات مسألة تثير نوعاً من الجدل حول ضرورة امتثال الصحافي لأخلاقيات المهنة حتى داخل فضائه الإلكتروني الخاص. فهناك آراء تشير إلى أن العمل الإعلامي يرافق صاحبه حتى في تواصله مع الناس، وذلك على الرغم من رغبة الصحافي بالتواصل الإنساني الشخصي أحياناً، بينما تتحدث آراء أخرى عن خط فاصل بين التواصل الإعلامي والتواصل الشخصي. مسألة احترام أخلاقيات المهنة في مواقع التواصل الاجتماعي أثارها ميثاق أخلاقيات الصحافة الذي أصدره مجلس أخلاقيات الصحافة بالعاصمة البلجيكية بروكسل. يؤكد الميثاق أولاً أن هذه الإشكالية تتعلق باستخدام مواقع «السوشيال ميديا» كمنصة للتعبير عن الرأي، وليس باستخدام هذه المواقع كطريقة للبحث عن المعلومة. كما أشار الميثاق في البند الخامس إلى أن المجلس أثار أسئلة من قبيل صعوبة التفرقة بين حياة الصحافي الشخصية وحياته العملية، والحفاظ على حرية المتابعين في التعليق، وطبيعة ما ينشر وبين أن تكون موجهة للعموم وأخرى موجهة لفئة معينة على وجه التحديد. وقد استنتج المجلس أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت تشغر مكانة واضحة في النشاط الصحافي، سواء من أجل استقبال المعلومة أو نشرها، وبالتالي فعلى الصحافي، إن كانت منشوراته في هذه المنصات متاحة للعموم، أن يعلم أنه يمارس نشاطاً صحافياً، وهو ما يلزمه باحترام صريح لأخلاقيات المهنة. إن هذه المسألة تتطلب الفصل بين مستويين، المستوى الأول يتعلق بالمواقف الشخصية للصحافي كمواطن يحقّ له التحدث وتناول الأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية، وهو ما لا يتطلب منه الالتزام بالقواعد المحددة، حيث يبقى من حقه التعبير عن آرائه من قضايا الشأن العام. أما المستوى الثاني، فهو يتعلق بآراء الصحافي في الموضوعات المرتبطة بالمهنة خصوصاً، بمعنى أن النقاش المهني الخالص والقضايا التي يتحدث فيها سوف تكون محل مساءلة. ففي هذا المستوى عليه أن يسلك طريق الموضوعية والتوازن في آرائه، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواقف السياسية والدينية، فلابد من إدماج موضوع استخدام الصحافي للمواقع الاجتماعية ضمن برامج تكوين الصحافي المهنية، حتى لا تكون حساباته الخاصة التي يعبر بها عن فكره كمواطن عادي بعيداً عن مهنته، ومن ثم يخوض حرباً من التعليقات من قبل متابعيه. إنّ مسؤولية الصحافي تصبح على مواقع التواصل الاجتماعي أكبر من مسؤوليته في عمله الذي يخضع لمراقبة رؤسائه. إن مقصّ الخط التحريري والتوجه السياسي بالمؤسسة الإعلامية يتحكم فيما ينشر وما لا ينشر، ولا يسمح بتمرير معلومة قد تسبب للمؤسسة نوعاً من الضرر. فهناك بعض الصحافيين يعتبرون المنصة «السوشيالية» فضاءً لاستعراض بطولاتهم أمام متابعيهم، دون مراعاة لما قد يترتب على ذلك من تأطير للرأي العام حول قضايا معينة قد ينخرط فيها الصحافي المواطن بآرائه.