بادرت مجموعة من أصحاب الآراء والمثقفين التي أسست كيانها على برنامج الـ «واتساب» الهاتفي كـ «قروب» يضم العديد من النشطاء الوطنيين مشكورة بتنظيم فعالية تكريم عدد من الصحافيين والإعلاميين والكتاب والشعراء تحت رعاية عضو مجلس الشورى درويش المناعي وبمبادرة من مؤسسه الناشط الوطني محمد الظاعن.
كانت الفعالية جميلة لاسيما وأن الكثير من النشطاء والمشاركين كانوا قد التقوا ببعضهم البعض لأول مرة على أرض الواقع بعد تواصل استمر لأكثر من سنة في العالم الافتراضي ورؤية المجموعة بالعموم تقوم على إيجاد بناء فكري ومجتمعي يخلق الكثير من الحوارات التي تدعم أوجه التنمية في مملكة البحرين، وتنتقد ما يجري في الساحة، والنقد لا يعني هنا النقد السلبي، إنما النقد بأوجهه الإيجابية المتعددة، واللافت أن المجموعة لم تبحث عن جهة حكومية لتمويل النشاط بل إن دعم عضو مجلس الشورى للنشاط يدعم مسألة الشراكة المجتمعية التي تحتاجها البحرين اليوم أكثر من السابق ويعزز مد جسور التواصل بين أعضاء البرلمان وفئات المجتمع.
لمن هو مهتم ويتابع باستمرار الأنشطة والفعاليات التي تقام في الساحة سيلاحظ أن هناك تغيرات بدأت تطرأ على هذه الساحة التي كان معروفاً إيقاعها القديم المتمثل في مبادرة ناشط ما في أي مجال من المجالات الرياضية أو الثقافية أو الاجتماعية في تأسيس نادي أو جمعية وتسجيل الأشخاص المهتمين بهذا المجال لتأسيس مجلس الإدارة، ومن ثم الشروع في الدخول في معترك الانتهاء من الإجراءات الرسمية لإشهاره، لتنطلق قافلة العمل والأنشطة المتنوعة وقد كانت مشاكل «الشللية» وعدم تنوع الأطياف المشاركة في بعض هذه الجمعيات والأندية هي المتصدرة والعائق الذي يحول دون الإنتاجية، مما قد يفضي في النهاية إلى إيجاد خلافات على السطح، سرعان ما يتحول الاهتمام بالعمل إلى صراعات على المناصب، والانشغال بانتخابات مجالس الإدارة، ولعل هذا ما أوجد لنا الكثير من الكيانات من أندية وجمعيات في المجتمع المدني غير فعالة وبلا إنتاجية. اليوم مع الفضاء الإلكتروني اللامحدود يبدو أن المجتمع البحريني قد وجد طريقه في تأسيس الكثير من «القروبات» الإلكترونية الناشطة، وضم العديد من الأطياف المتنوعة وتجنب مشاكل الصراع على المناصب، و«غيرة الرئاسة والزعامة»، نظراً لطبيعة هذه البرامج التي تبرز العمل الجماعي دون رتم الوجاهة ومن يدري لعل هذه «القروبات على الـ «واتساب»» مستقبلاً تسحب البساط بالكامل من الأندية والجمعيات المعتاد نشاطها، حيث توجد أنشطة جديدة ومبتكرة وإبداعية تلامس المواطن وتصل إليه مباشرة وتدعم عمل مؤسسات المجتمع المدني، ولا ننسى المميزات التي توفرها هذه البرامج حيث بالإمكان عقد الاجتماعات في «القروب» نفسه دون الحاجة إلى محاولة تنسيق أوقات الأعضاء للاتفاق على موعد مناسب للجميع أو تأجير مبنى وغيرها من مسؤوليات فمميزات هذه البرامج تفوقت واجتازت الكثير من المعوقات في ميدان الأنشطة والفعاليات، بل حتى مسائل بسيطة كصور الفعاليات قد أصبح بإمكان الجميع الحصول عليها في الوقت نفسه بضغطة زر! الفرق الحاصل بين التجمعات الافتراضية والواقعية في طبيعة الاتصال القائم، فالجمعية أو النادي قد يشارك فيها الشخص بنشاط فيقرر الانضمام لها ثم يكتشف بعد التسجيل أن القائمين عليه قد لا يتوافقون معه فكرياً ولا تعجبه جميع أنشطتهم ولا اتجاهاتهم الوطنية فينسحب، فيما «قروب الواتساب» تكون فيه الخيارات أكثر تحديداً للشخص فهو يختار «القروب» الذي يعرف اتجاهات القائمين عليه الوطنية بالتواصل اليومي المستمر، ويجد أنه يقترب من نفس ميولهم وهواياتهم وقد يفضي هذا التقارب إلى المبادرة بأنشطة وفعاليات.
لا ننسى في حديثنا «قروب المنارة الإلكتروني» الذي يتم من خلاله طرح الكثير من القضايا الساخنة والهامة في الساحة البحرينية، ومن ثم يتم تحرير خلاصة المناقشات وكافة المداخلات والتعقيبات مع إدراج توصيات ونشرها ليستفيد منها الناس ويطلع عليها ولا يتحسس منا البعض، حيث إن كثير من الأطروحات والمقترحات بل والآراء تكاد تكون منطقية وواقعية وتقترب من هموم المواطن وتعبر عن مواقفه. أيضاً هناك «قروب الحملات الوطنية» النشط في إطلاق أوسمة «الهاشتاقات» للقضايا والأحداث المحلية والخليجية والعربية على «تويتر»، بل والتضامن مع «الهاشتاقات» الأخرى التي تدعم قضايا الخليج والعرب، في الدول الأخرى، ودعوة الناس للتفاعل، إضافة لـ «قروب عاصفة الحزم» الذي جاء كقروب متخصص في أخبار «عاصفة الحزم»، وكل ما يرتبط بها من أخبار وقضايا عربية، وقد نظم حملة إلكترونية حملت عنوان «#بتحالفنا_نحمي_أوطاننا» الذي قام بعرضه موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC الإخباري، وهو شيء يحسب للقائمين عليه، أن ينشر موقع أخباري عالمي هذه الحملة الخليجية، التي انطلقت باسم مملكة البحرين . للعلم نحسب أول نشاط نظم من «قروب» إلكتروني على أرض الواقع في مملكة البحرين يحسب لـ «قروب شباب لأجل الوطن» الذين ألتفوا في حملة إلكترونية «كلنا_ مبارك_بن_حويل & #كلنا_نورة_آل_خليفة «في يوليو 2013 وقد كانت الفعالية التي نظمها عدد من شباب المحرق والشباب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي قد أتت تكريماً لجهود رجال الأمن خلال أزمة البحرين وبعد انتصارهم على القضايا الكيدية من قبل عملاء إيران. ختاماً نتمنى في المستقبل القريب أن تكون هذه «القروبات» التي أوجدت لها حسابات متخصصة في «تويتر» و«إنستغرام» أكثر فعالية وتزداد مثل هذه المبادرات التي تبرز اسم مملكة البحرين في العالم الافتراضي والواقعي.
قطرة وقت