طبعاً هذا المثل والذي يعتلي صدر المقال أصله حجازي، ومذهبه صوفي، ومفصل – بالملي - على مقاس فلاديمير بوتين، والذي غزا سوريا بطائراته وسفنه واستباحها عن بكرة أبيها قبل 6 أشهر تقريباً، واليوم وإذ يقرر الرئيس الروسي الانسحاب – فجأة – من سوريا بعدما «حقق التدخل أهدافه إلى حد كبير» كما يدعي ويقول، يتركنا أمام علامات تعجُبٍ واستفهام كثيرة:
ماهي الدوافع الحقيقية التي دفعت بوتين للانسحاب من سوريا؟ وهل يعني من عملية الانسحاب أن مصير بشار الأسد بات معلقاً؟ ولماذا جاء الانسحاب في هذا التوقيت تحديداً، قبل ساعات من بدء محادثات جنيف؟
بالتأكيد أسئلة كثيرة طاردتك عزيزي القارئ كما هو الحال معي ومنذ الوهلة الأولى للقرار الروسي، ولكن دعني قبل أن نحاول معاً الإجابة على الأسئلة، الرد على فِرْية بوتين في قوله: «إن الانسحاب من سوريا جاء بعد أن حقق التدخل العسكري الروسي أهدافه إلى حد كبير»، فمن المؤكد وحسب الشواهد، أن دولة «داعش» ما زالت موجودة على أرض سوريا وما زالت تسيطر على أكثر من 95 ألف كيلومتر مربع من المساحة الجغرافية لسوريا أي ما يعادل نصف مساحة البلاد، فيما نظام بشار الأسد ما زال يترنح تحت ضربات المقاومة السورية ويحتفظ بـ23% من أراضي بلاده فقط!!
يعني كلام بوتين غير صحيح، ومن ثم التدخل العسكري الروسي لم ينجح في تحقيق ولو 1% من أهدافه!!
أما عن الأسباب، فقل فيها ما شئت عزيزي القارئ، مثلاً، قد يكون قرار الانسحاب مدفوعاً بالضغوط المالية والوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه روسيا بسبب تدهور أسعار النفط العالمية الذي تعتمد عليه موسكو، وانهيار سعر «الروبل» الروسي لأدنى مستوى منذ 16 عاماً، خصوصاً إذا ما عرفت أن التكلفة الماليّة للحملة العسكرية الروسية على سوريا تتراوح بين 2.4 مليون دولار و3 مليون دولار يومياً، بخلاف تكاليف أخرى لقطاعات ووحدات عسكرية مختلفة.
وقد يكون قرار الانسحاب مدفوعاً أيضاً برغبة روسيا في إنهاء عزلتها والعقوبات الغربية المفروضة عليها «لعبة مساومات»، وقد يكون توافقات أمريكية روسية للضغط على الأسد قبل محادثات جنيف «لعبة مصالح»، أو الرغبة في عدم تقسيم سوريا بما يتسبب في مشاكل في المنطقة تهدد الكيان الصهيوني، فضلاً عن الرعب الروسي الدائم من وحل شبيه بأوحال أفغانستان، وتحديداً بعد أن نجح الثوار السوريون مؤخراً في إسقاط طائرة «ميغ» بحماة بواسطة صاروخ حراري، وهي رسالة لبوتين فحواها من يتمكن من إسقاط طائرة للأسد، سيتمكن من إسقاط طائرات لبوتين، وبالتالي بدأ الدب الروسي يستشعر شكل الكابوس القادم.
ومعك حق أيضاً عزيزي القارئ، فقد يكون السبب، ضربة روسية للأسد لإزالة ملامح الغرور والانفصال عن الحقيقة المتأصلة في ذهنه والتي جعلته يعيش عصر القوي وفرد العضلات عبر فرض الأمر الواقع على المعارضة السورية من خلال إعلانه 13 أبريل موعداً للانتخابات، ثم خروج الناطقة باسم الخارجية الروسية لتعبر عن غضب موسكو من خطوات الأسد، وتؤكد أن بلادها تفضل إجراء انتخابات بمشاركة المعارضة، وأيضاً تصريح وليد المعلم الأخير والذي أكد فيه وقبل محادثات جنيف بساعات: «إن الأسد خط أحمر، وهو ملك الشعب السوري، وإن وفده الذاهب إلى جنيف لن يحاور أحداً يبحث في مقام الرئاسة في سوريا» متوعداً بعدم السماح لجماعات أو دول «يقصد روسيا» بمصادرة القرار السوري.
وسواء هذا أو ذاك، المهم في الأمر هو قرب سقوط العاصمة الأولى من بين يدي الولي الفقيه «دمشق»، مع قاب قوسين أو أدنى من سقوط اليمن «العاصمة الرابعة» أن آجلاً أم عاجلاً، وقريباً سيأتيك الخبر من بيروت «العاصمة الثالثة» حيث بات اللبنانيون يجهزون «القباقيب» لإخراج «زميرة» من جحره، أما العراق المحتل، فأمره هين، وفرجه قريب، ولطفه عاجل، وتيسيره حاصل.
ويا «رعد الشمال»اضرب ولا تبالي وأسقط عمائم كهنوت السوء الخمينية بطهران، والذين باتوا يولولون ويلطمون كالنساء، أقول قولي هذا، وأنا أستمتع أيما استمتاع بالوفاقيين و»الدشتية» وأذناب إيران، هل هو تشفي؟
معاذ الله، للدقة هو أكثر من التشفي ولا أرى جرماً أو طائفية أو «ازدراء» حين أمارس حقي في الشماتة فيهم، لإيماني أنهم لو كانوا هم المنتصرين لما اكتفوا بالشماتة، بل لعلقوا لنا المشانق في الطرقات.