يا أخي، يعجبني المسؤول القوي والحازم والواثق من نفسه، والذي يعرف قدر بلده قبل قدر نفسه، فإذا ما تحدث أو صرح لفت أنظار العالم جميعاً، وحسبي بوزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنه يستحق الإعجاب والثناء، فهو الرجل المناسب في الوقت المناسب، أفضل من يدافع عن دول الخليج العربي، وليس أفضل من يدافع عن المملكة العربية السعودية فقط، حين يتحدث أو يصرح، لا تكون أحاديثه «سبهللة»، بل تأتي تصريحاته أقوى من تغريداته. هل تريد أن تقارن؟ في الواقع، لست في ترف المقارنة لأن أساساً لا وجه للمقارنة بين جبير السعودية وظريف إيران، حتى في كنية الاسم، فالأول وفق المعجم اللغوي تعني «الشديد» وهو بالفعل السعودي الشديد، والثاني يعني جحا إيران، وهي شخصية كاريكاتورية، تدعو للسخرية.. رجل يدافع عن حياض أمة، وآخر يدافع عن دولة مارقة تسعى لشق الأمة. في اجتماع وزراء خارجية «التعاون» والذي عقد الأربعاء الماضي في الرياض، خرج الجبير على الصحافيين قائلاً: «الخيار أمام بشار الأسد إما أن يترك السلطة عن طريق عملية سياسية، وهذا سيكون أسرع ويجنب سوريا المزيد من القتل والدمار أو سيبعد عن طريق عملية عسكرية (...) الأمر محسوم، الأسد رايح رايح». ولنعد ضبط الساعة البيولوجية، فقد دنت ساعة زوال، ليس الأسد فحسب، بل وأذناب الفرس الضالة!! وحين سئل الجبير عن الموقف الخليجي من إيران قال: «العلاقات مع إيران متدهورة بسبب سياساتها الطائفية التي تتبناها ودعمها للإرهاب وزرع خلايا إرهابية في دول المنطقة (...) إذا إيران غيرت سياساتها ليس هناك ما يمنع أن نفتح صفحة جديدة في العلاقات معها». وكأن الجبير من تصريحه هذا يريد إيصال رسالة سعودية صريحة وشديدة الوضوح للقيادة الإيرانية، سنفتح صفحة جديدة ونصفح عنكم إذا «ما صرتم رياييل» وتخليتم عن دعمكم للإرهاب. والحقيقة لا يمكن لإيران أن تتخلي عن دعم الإرهاب، هذه هي جذور المشكلة بين دول الخليج العربي وإيران، فالأخيرة في كل يوم جديد تمنحنا المزيد من الأمل في استحالة تغير سياستها، وكان آخرها إطلاق سراح 152 شخصاً ممن حرقوا سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، ورغم اعتقادي أن هذا القرار الإيراني يتسم بالغباء الفارسي اللامتناهي، إلا أنه كان بمنزلة «كلمة السر»، والتي تكشف أن إيران بالفعل تدعم الإرهاب، وأن «الولي الفقيه» هو من يوفر الحماية لمهاجمي المقرات الدبلوماسية السعودية، ويظهره بأنه الراعي الرسمي للهجوم، وهو أفضل تمريرة قدمتها إيران إلى السعودية لتسدد الأخيرة هدفاً هاماً لصالحها ضد إيران، لذا بات من الضروري على دول «التعاون» الاستفادة من هذه التمريرة لتحقيق أهداف سياسية جماعية تدعم مواقفهم على جميع الأصعدة. فلتدندن وتدافع إيران وأذنابها «الدشتية» عن الإثم الذي حاك في الصدر، ولكن بدون «تقية سياسية» وستر العورات، ولتستعد شباكها لتلقي الأهداف السعودية المتوالية، لن يكون إدراج «حزب الله» اللبناني ضمن قوائم الإرهاب العربية، آخر هدف ستسجله السعودية، ولم يكن سقوط الأسد الهدف الثاني ولن يكتفي «أخوان نوره» بـ «هاتريك» العراق، بل هم يبحثون عن البطولة وزعامة المنطقة «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون». وإن غداً لناظره قريب..