قد يبدو عنوان المقال غير مألوف لمواطني الخليج الذين لم يعتادوا أن يسمعوا بأن هناك قواعد عسكرية خليجية خارج منطقة الخليج العربي، كما هو الحال بالنسبة للقوى العظمى والكبرى التي تنتشر قواعدها حول العالم من أجل الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية.
أمس الأول كان هناك خبر مهم عندما تم الإعلان عن قرب توقيع اتفاقية بين المملكة العربية السعودية وجيبوتي بشأن إنشاء قاعدة عسكرية سعودية في جيبوتي، وهي أول قاعدة عسكرية لإحدى دول مجلس التعاون خارج الإقليم.
اختيار الرياض لجيبوتي كقاعدة عسكرية هو بداية مرحلة جديدة نحو صعود النمر الخليجي قد تكون سمة بارزة لمرحلة تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
جيبوتي العربية التي لا يعرف عنها معظم العرب الكثير، هي أكبر من البحرين بنحو 30 ضعفاً من حيث المساحة، ورغم ذلك فإن عدد سكانها أقل بكثير من سكان البحرين، حيث لا يتجاوز عدد سكانها نحو 864 ألف نسمة تعيش شريحة واسعة منها تحت خط الفقر الدولي.
جيبوتي المجهولة للعرب تعد أكبر دولة عربية تضم قواعد عسكرية أجنبية، فهناك القاعدة الفرنسية التي تضم أكثر من 1500 جندي وتدر دخلاً كبيراً على الاقتصاد المحلي. بالإضافة إلى القاعدة الأمريكية التي أنشأت في 2007 وتضم أكثر من 3000 جندي، وهي القاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة في القارة الإفريقية، وتم استخدامها بفاعلية لضرب تنظيم القاعدة في اليمن بالطائرات من دون طيار.
أيضاً اختلفت جيبوتي عن بقية دول العالم بأنها استقطبت تواجداً عسكرياً غربياً وآسيوياً في الوقت نفسه، فكما استقطبت كلاً من الولايات المتحدة وفرنسا، فإنها استقطبت اليابان التي أنشأت في 2009 قاعدة عسكرية للبحرية اليابانية هدفها مكافحة الإرهاب والقرصنة، وتضم قاعدتها مطاراً دائماً لطائرات الاستطلاع التابعة لطوكيو. أما الدولة الأخرى فهي الصين التي أعلنت عن مشروعها لإنشاء أول قاعدة عسكرية لها خارج الأراضي الصينية لتكون في جيبوتي، وتكون بذلك رابع دولة تملك قاعدة عسكرية هناك.
السعودية الآن قد تكون الدولة الخامسة التي تملك قاعدة عسكرية دائمة في جيبوتي بعد الإعلان الأخير، ومن الواضح أن هناك اهتماماً كبيراً بجيبوتي التي تعد قلب القرن الأفريقي المطل على مضيق باب المندب ومنطقة البحر الأحمر وخليج عدن، وهي لا تبعد سواحلها عن اليمن سوى 20 كيلومتراً.
تعاظم الأهمية الاستراتيجية لجيبوتي، والقواعد العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، يدفع دول مجلس التعاون بقيادة السعودية إلى التفكير استراتيجياً في إنشاء قواعد عسكرية دائمة خارج إقليمها، خاصة وأن عصر الاعتماد على القوى الأجنبية عسكرياً وأمنياً قد انتهى بلا رجعة.