أمس الإثنين الموافق 29 فبراير 2016 كان آخر يوم للدولة الريعية في البحرين، حيث يبدأ اليوم تطبيق النظام الجديد لتعرفة الكهرباء والماء، وهي آخر مشاريع إعادة هندسة الدعم التي طبقتها الحكومة خلال الفترة الماضية لمواجهة التحديات المالية التي تعاني منها نتيجة انخفاض العوائد النفطية.
وداع الدولة الريعية، بلاشك مؤلم لكل مواطن ومقيم، ولكنها خطوات ضرورية إجبارية دفعتنا الظروف لها لتصحيح ما نعاني منه اليوم، والحد مما ستعاني منه الأجيال المقبلة من البحرينيين.
ما تم من إجراءات وخطوات خلال الفترة الماضية، هي إجراءات بسيطة ولم تؤثر على المستوى المعيشي للمواطنين مقارنة بما سيأتي لاحقاً، وتحديداً مطلع العام 2018 عندما يبدأ النظام الضريبي الخليجي بالعمل في البحرين وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، وهو في أولى مراحله.
يتحدث الأجانب الآن بأن الوضع المعيشي في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بات غير مناسب بسبب برامج إعادة هندسة الدعم الحكومي، ولذلك نتوقع أن تشهد السنوات الثلاث المقبلة على الأقل حركة هجرة متفاوتة من مجتمعات الخليج إلى الدول المصدرة للأجانب سواءً في آسيا أو أوروبا، ولا نتوقع أن تشمل هذه الهجرة فئة العمالة العادية، بل فئة العمالة المحترفة. وهذه الحركة طبيعية ومحتملة إذا تم تغيير نظام المعيشة الذي وفرته حكومات الخليج بسخاء خلال العقود الماضية، ولكنها أيضاً تستحق الدراسة والمتابعة، وبحث تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية.
دروس كثيرة تعلمتها البحرين ودول مجلس التعاون من برامج إعادة هندسة الدعم الحكومي، سواءً بجدواها الاقتصادية، وحجم الأموال التي كانت تنفقها من أجل توفير مستوى معيشي متقدم على حساب تنويع مصادر دخل الحكومات. بالإضافة إلى معرفة الحكومات بدقة لطبيعة الثقافة السائدة لدى شعوب الخليج التي تعتمد على الاتكالية، والعزوف عن العمل وقلة الإنتاج، والرغبة في الكسل والاعتماد على الحكومة في كافة مناحي الحياة.
ثقافة الدولة الريعية هي الأخطر على الإطلاق من دروس برامج إعادة هندسة الدعم الحكومي، فمثل هذه الثقافة لا يمكن أن تستمر، ولا أعتقد أن مناهجنا الدراسية بمختلف المراحل تساعد على تغيير هذه الثقافة على الأقل. وبقاؤها يعني استمرار اتجاهات الاستياء لدى الرأي العام، وهو ما يمكن أن يتحول إلى سلوك سياسي عنيف لاحقاً له تداعياته السلبية مستقبلاً.
وداعاً للدولة الريعية في البحرين ودول مجلس التعاون، ليس حزناً، بل انطلاقاً من مسؤولية بدأت اليوم ويجب ألا تتوقف لتحويل مجتمعات الخليج من مجتمعات ريعية إلى مجتمعات منتجة وفاعلة اقتصادياً.