من يتابع تطورات الأحداث في الشرق الأوسط من حرب في اليمن، ومواجهة مع إيران في الخليج، بالإضافة إلى مواجهات مرتقبة في الشام، وتصعيد مع الحكومة اللبنانية، قد يثيره تساؤل أساس، وهو، هل مثل هذه المواجهات تعد معركة لدول الخليج العربية، أم هي معركة لكل العرب؟
إن صحت تسميتها بـ «المعركة» فإنها بلاشك مواجهات مصيرية من أجل حسم حالة اللاحسم في المنطقة، ومن أجل إنهاء استقرار الفوضى التي مضى عليها 6 سنوات الآن.
غياب القيادة في النظام الإقليمي العربي دفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى أن تتولى مسائل لم تعتد على معالجتها بنفسها كما كان الوضع عليه خلال النصف الثاني من القرن العشرين. سيّما وأن هذه الدول مازالت هي الأكثر استقراراً نسبياً، وهي الأكثر تفوقاً من حيث الموارد والقوة الاقتصادية، ولديها نفوذ سياسي إقليمي ودولي.
وبالتالي إذا كان الحديث عن معركة واسعة النطاق تقودها دول مجلس التعاون، فإنها معركة لصالح العرب في يوم تفرقوا فيه وتدمرت مجتمعاتهم. لكل حرب تكلفتها، ولكل معركة أيضاً تكلفتها، ولكن معركة دول الخليج هي معركة لاستعادة الأمن وإنهاء الفوضى، بدلاً من تركها تتفاقم أكثر فأكثر.
عودة السلام لم تكن يوماً بالسلام، بل كانت دائماً بالقوة، ولذلك فإننا في سنوات استعادة السلام بالقوة، وهنا ليس مهماً ما إذا كانت القيادة خليجية أم عربية، بل الأهم هو من المستفيد، وهم العرب جميعاً. فتخاذل طرف يعني تخاذل أطراف أخرى لتكون الخسارة جماعية، وهذا ما لا ينبغي السكوت عنه.
دوافع الظروف الإقليمية تتطلب المواجهات أكثر وأكثر، ووقت المجاملات والدبلوماسية انتهى بين الأشقاء بعضهم بعضاً، وبين العرب والأجانب، وتتطلب الحاجة الآن المكاشفة، وتسمية الأمور بمسمياتها حتى نتمكن من التعامل معها.
وهذا ما ينطبق تماماً على لبنان، وسوريا، واليمن التي فرضت تعاملاً مختلفاً معها من دول مجلس التعاون الخليجي من تدخل عسكري أو تصعيد سياسي أو احتواء سياسي واقتصادي. كلها أوضاع استثنائية وغير طبيعية تتطلب أيضاً تعاملاً استثنائياً معها لإعادة الوضع إلى نصابه، وإن تطلب ذلك وقتاً وجهداً وتكبدت هذه الدول في سبيله الخسائر تلو الأخرى.
قد لا يدرك العرب، أو الخليجيون أنفسهم الآن مدى أهمية البدء في إعادة تنظيم الفوضى في الشرق الأوسط من قبل بعض دول مجلس التعاون، ولكن التاريخ من شأنه أن يحكم بجدوى سياسات هذه الدول من عدمها مستقبلاً، رغم قناعتنا بأهميتها وجدواها.