تشهد العلاقات المصرية السعودية أقاويل كثيرة معظمها نتاج للشائعات ووسائل التواصل الاجتماعي وبرامج «التوك شو»، التي مثل ثرثرة من يطلق عليهم «عواجيز الأفراح»، إذا استخدمنا تعبيراً مصرياً لمثل هذه الحالة من أناس لديهم الفراغ، ويرغبون أن يملؤوه بالكلام بغض النظر عن جدواه أو صحته. ولكن من العجيب أن هذا الكلام غير الصحيح يصدقه البعض، ويثير الفتن بين الناس والشعوب والدول. ولهذا فغن القرآن الكريم عظم من جريمة الفتنة بقوله تعالي «والفتنة أشد من القتل»، لأن القتل ينحصر في شخص أو اثنين أما الفتنة فهي تؤثر في العديد من الناس والخلافات بين الدول بل والثأر بين القبائل مرجعها الفتنة التي يقوم بها البعض بنشر الكاذيب التي تتعلق بالاخر. وابرز مروجي الشائعات في عصرنا الحاضر هم بعض وسائل التواصل الاجتماعي. وللأسف يتورط في ذلك بعض الصحافيين وبعض السياسيين وأحيانا تتعاظم الاكذوبة فيتورط بعض العقلاء في تصديقها ويتصرف بعضهم كما لو كانت حقيقة. وهي ليست سوى أكذوبة لها ظلال من الحقيقة ولكنها تؤخذ من خارج سياقها أو مناسبتها أو تحرف فتؤخذ بعض الجمل دون اكتمالها كقوله تعالي «ولا تقربوا الصلاة.....».
للأسف العلاقات المصرية السعودية تتعرض لمثل تلك الأكاذيب والشائعات وعندما درسنا مادة الإعلام في الكلية درسنا معها موضوع الشائعات، وإنها تنتشر في حالتين بوجه خاص، أهمية الموضوع وغياب المعلومات الكافية عنه. والعلاقات المصرية السعودية مهمة للبلدين وللمنطقة العربية وللعالم لمكانتهما ولموقعهما الاستراتيجي ودورهما العالمي وما يتمتعان به من موارد طبيعية أو بشرية. وقد نسي مروجو الاشاعات ان الملك عبد العزيز رحمه الله نصح ابناءه بان يوثقوا علاقاتهم بمصر باعتبارها قلعة حصينة ومنافحة عن القضايا العربية وذات حضارة وتاريخ معروف للقاصي والداني. ونسي مروجو الشائعات وصية النبي الكريم ان الله سيفتح عليكم مصر فاتخذوا من شعبها جندا فانهم خير أجناد الارض. مصر بعراقتها لديها ثروات وكنوز ضخمة من البشر ومن الثروات الطبيعية ومن الانجازات. ومع هذا فهي عانت لفترات زمنية من سوء الادارة والفساد ومن مؤامرات ودسائس القوى الساعية لنشر الفرقة بين العرب والسيطرة عليها سواء كانت إقليمية أو دولية أو من الطابور الخامس من بني جلدتنا وهم اشد خطرا من الاجانب لان الناس يصدقونهم بسهولة. واشير هنا الى بعض الكتابات الصحافية في الصحف المصرية والسعودية التي تركز علي مقولة الخلافات، وفي بعض برامج «التوك شو» التي تبثها عدة فضائيات من بينها هيئة الاذاعة البريطانية، وبرامج «التوك شو» عادة تتخصص في القضايا الاجتماعية والتسلية أما دخولها في برامج السياسة والاقتصاد والدين فهي قضايا متخصصة، مما يوقعها في أخطاء مهنية، ففي برنامج استمعت فيه لمداخلات من مصريين وسعوديين وكويتيين تم استدراج أحد الاخوة إلى اخطاء ولكنه استدرك وصحح الموقف بسرعة وكان المتدخل من الكويت واقعيا وصريحا مؤكدا انه لا توجد خلافات مصرية سعودية وإنما ادوار لكل منهما، وقال «ليس كل ما يعرف يقال ولا كل ما يقال في الاعلام صحيحا»، ونصح «بالابتعاد عن كل هذه الاشاعات التي تسيء لعلاقات البلدين الشقيقين». أما هيئة الاذاعة البريطانية فتقع بحسن نية في فخ كثرة النقاش في قضايا ليست مطروحة لغير المتخصصين وكررت بث البرنامج الخاص بمصر والسعودية عدة مرات مما يعطي الانطباع أن الاذاعة تسعد ببث الفرقة بين الدولتين وباثارة الفتن الداخلية كما حدث في برنامج منذ بضعة أيام عن البحرين وأوضاعها وتصدى وفضح عدم الدقة في البرنامج وزير الاعلام البحريني بقوة فتراجع الاعلامي في المحطة البريطانية.
ما أقوله إن علاقات مصر والسعودية على مستوي القيادتين والشعبين كما أكد المتحدثون المصريون في البرنامج ممتازة، ولا يتحدث عن توترها سوى قلة من الاعلاميين وبعض المثقفين المؤدلجين. ومشاركة مصر في مناورة «رعد الشمال» وفي «عاصفة الحزم» أهم لدى مصر من محاربة تنظيم الدوًلة «داعش» في العراق أو سوريا لان هذا مسؤولية هاتين الدولتين ولدى مصر «دواعش» في سيناء وفي جوارها المباشر في ليبيا، وليهدأ بال مروجي الشائعات فالعلاقات المصرية السعودية قوية.
* باحث مصري