الدولة الذكية، وصاحبة النظرة الواعدة للمستقبل، الساعية للمضي في طريق الإصلاحات والتطوير، لابد وأن تفكر بشكل جاد في صناعة امتداد مستقبلي سليم وقوي.
وامتدادات المستقبل لا تكون إلا عبر بوابة واحدة تحت مسمى «بناء الشباب»، فهم عماد استمرارية الأمم، وهم سر تفوق الحضارات والدول مادام إعدادهم يتم بصورة مدروسة ومبرمجة ولأهداف محددة.
في البحرين، وبعد ما عانته بلادنا في السنوات الماضية، ونظراً للتحديات المتكالبة من الخارج، بات واضحاً لدينا بأننا في حاجة لتدعيم صفوفنا الوطنية، وتقويتها بكفاءات «متعوب» على إعدادها، وضرورة «تمكين» المخلصين من الشباب ومنحهم الثقة وصقلهم وتأهيلهم ليحملوا الراية من بعد الجيل الحالي.
الجميل في البحرين أن هناك وعياً واضحاً لدى الدولة في هذا الشأن، هناك اهتمام ملاحظ بفئة الشباب واحتواء يتنامى يستهدف بشكل إيجابي، إيماناً بأن هؤلاء الشباب هم المستقبل.
أول اللبنات المطلوبة في تأهيل شبابنا البحريني أن يتم ترسيخ قيم الولاء والانتماء والمواطنة، فأنت لا تريد تقوية جيل يتم اختطاف فكره وإرادته بسهولة، ولا تريد تمكين جيل ينقلب على بلاده. بل تريد دروعاً قوية وصفوفاً راسخة من الشباب مؤمنة بأن البحرين هي قضيتها الأولى، ترابها هي ما تعمل لأجل الحفاظ عليه، نظامها هي من تدين له بالولاء لا جهات خارجية تضمر الشر لبلادنا.
وعليه فإن الاهتمام بالشباب عبر مختلف المجالات أمر حتمي ولازم، وفي هذا الإطار يمكن رصد الجهود الواضحة للدولة عبر قطاعاتها والتي أمامها لا يمكن لنا إلا أن نشد اليد على هذه الجهود ودعمها.
على الصعيد المهني وتطوير القطاعات الحكومية، يتضح اتجاه الحكومة برئاسة سمو رئيس الوزراء وبمؤازرة سمو ولي العهد في التركيز على تطوير القيادات الحكومية الشابة عبر برامج التميز والتدريب والتطوير، وعبر البرنامج المميز لمكتب النائب الأول والذي يهدف لصناعة شباب واع وطني قادر على تطوير قطاعاته.
كذلك المجلس الأعلى للشباب والرياضة الذي يرأسه شاب بحريني يعتبر النموذج الجميل والرائع للشباب البحريني وأعني سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، له جهوده الواضحة المنصبة على تطوير الشباب وتأهيلهم في مختلف المجالات، وتتضح ذلك عبر خطط طموحة وواضحة ويرسمها المجلس ويطبقها سواء من خلال وزارة الشباب والرياضة التي واضح حراكها النشط المؤثر في هذا الجانب، بالإضافة للجنة الأولمبية، دون أن ننسى النشاطات الأخرى للجهات التي يتولى سمو الشيخ ناصر الشاب مسؤوليتها، عبر تأهيل الشباب وتطويرهم ومنحهم الفرص لإثبات نفسهم.
وحين نتحدث عن الشباب هنا، وكثيراً ما تطرقنا لنفس الموضوع، فإن الرجاء الكبير يكون بضرورة إنهاء الصورة النمطية التي ترسخت في مجتمعاتنا، والتي تصر على الالتصاق بعامل العمر الزمني، وأن القيادات وصانعو التغيير لابد وأن يكون كباراً في السن، وأن هناك تمسكاً بعناصر عديدة في هذه المناصب من هذه الفئة بالاعتماد على الخبرة المتراكمة زمنياً، ما يعني وجود «سدود» و»موانع» أمام الشباب لأخذ الزمام والإسهام بدورهم في التطوير.
هذه صورة نمطية انتهت منذ زمن في الغرب، وهناك دول عربية وخليجية شقيقة أخذت تمضي على نهج تمكين الشباب، والاستثمار فيهم، والاعتماد عليهم بعد تأهيلهم وصقلهم وتطويرهم.
المشكلة تكون، حينما تغفل هذا الجانب، وتمر عليك ظروف الزمان وتقلباته، بأنك قد تحتاج لبدلاء وتحتاج لصفوف ثانية للمضي قدماً في العمل، وتحتاج لمن يحمل الراية ويستمر بها ويطور العمل، فلا تجد أمامك خيارات متعددة مؤهلة يمكنك منحها الثقة الفورية وإيكال المهمات لها، وأنت مطمئن وواثق بأنها قادرة ومؤهلة لحمل المسؤولية.
استثمار الشباب عامل مهم لا تغلفه الدول الذكية، ونحن نرى البحرين الحبيبة تمضي في هذا الاتجاه، وهو ما يعني ضرورة منح مزيد من الدعم والثقة والتمكين لشبابنا، وأن نحسسهم بأن المبدع منهم والكفء والمتطور له تطور وظيفي مضمون، وله موقع مؤثر في عملية البناء في الدولة، وأن عليه ألا يكون ضحية لأي نوع من الإحباط واليأس، لأنه وزملاؤه الشباب هم عنوان المستقبل، وهم أمل بلادنا لاستمرارية عملية التطوير ودعم المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله، ملكنا العزيز الذي يضع لشباب البلد كل الأهمية، ويرى فيهم مستقبلاً واعداً لبحرين قوية، لبحرين منتجة متطورة، عصية على الكسر.
لكل داعم للشباب نوجه الشكر الجزيل، ولشباب الوطن المخلصين نقول اعملوا واجتهدوا فأنتم مستقبل البحرين.