لاتزال بعض ما تسمي نفسها بـ «المنظمات الحقوقية» تصدر تقارير مشوهة ومغلوطة ومضللة عن البحرين ودول الخليج العربي ليست بهدف تعديل أوضاع حقوق الإنسان في دول المنطقة، والارتقاء بها نحو مستويات أفضل، وإنما بهدف زعزعة السلم والأمن وبث الفتنة، وتلك أهداف دنيئة لا تتوافق وأهداف تلك المنظمات – إن كان تلك أهدافها حقاً – في تعزيز حقوق الإنسان. تلك التقارير تغض النظر عما يحصل في دول تنتهك فيها حقوق الإنسان انتهاكاً واضحاً وصريحا كما في إيران وسوريا مثلاً، وحتى إن تطرقت لها فيكون ذلك على «خجل واستحياء»، وهذا ما يجعلنا نتساءل هل تلك المنظمات تهتم حقاً بحقوق الإنسان، أم أنها تسعى لتنفيذ أجندات سياسية أو طائفية بعيدة عن كل ما يتعلق بتعديل وتصحيح أوضاع حقوق الإنسان؟ وفي المقابل، فإن تركيز تلك المنظمات على البحرين ودول الخليج العربي يكون مكثفاً وبارزاً، وواضحاً، ويوحي بأن تلك التقارير التي تنشرها على مواقعها وتتلقفها بعض الصحف - التي تشعر «بالراحة النفسية» لوجود مثل تلك التقارير المضللة - لا يشكك في مصداقيتها وأن دول الخليج العربي لا نظير لها في ارتكاب «انتهاكات» حقوقية ضد الإنسان والإنسانية!! ما الحل إذن؟ وكيف يمكن أن نوقف بث تلك التقارير غير الصحيحة عن دول الخليج العربي؟ ربما هذا يدفعني للإشارة إلى التوصيات المهمة التي خرج بها المؤتمر الثاني لحقوق الإنسان بدول مجلس التعاون الخليجي «منظومة حقوق الإنسان والتحديات الوطنية والإقليمية والدولية»، الذي عقد مؤخراً في المنامة بتنظيم الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان وجمعية «معا» لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان. تلك التوصيات التي تناولت إحداها ضرورة التصدي للتقارير المسيسة وغير المحايدة أو النزيهة، الصادرة عن «المنظمات الحقوقية»، والرد عليها بما يبرز ويوضح انحيازها وعدم مصداقيتها، ويكشف اعتمادها على معلومات مغلوطة أو عملها لخدمة أجندات وغايات سياسية أو حزبية أو فكرية أو مذهبية. وأود التركيز على كلمة «الرد» التي ذكرتها التوصية على تلك التقارير، وهنا يأتي دور الجهات الرسمية والأهلية على حد سواء، وأعتقد أن أفضل الطرق للرد على تلك التقارير هي تشكيل فرق عمل مشتركة بين دول الخليج العربي، تتولى الرد على تلك التقارير، وتضم مختصين في مجال حقوق الإنسان والقوانين الدولية، والأنظمة والتشريعات، وسياسيين محنكين، بمعنى آخر أن يكون هناك «اتحاد» خليجي لكشف بطلان التقارير المضللة لتلك المنظمات الحقوقية، وتبيان أن تلك التقارير ليست سوى «كلام فارغ» وبعيداً عن الواقع. ولا يجب أن ينتهي الأمر بمجرد «الرد» على تلك التقارير، بل ترفع القضايا لمواجهتها قانونياً في قاعات المحاكم الدولية، وتخصيص فريق متكامل من المحامين، فالرد نعتبره «ردة فعل»، أما رفع القضايا ضد تلك المنظمات فهو «الفعل» المطلوب اتخاذه، حتى تقف تلك المنظمات عند حدها ولا تتجاوزه، لتدرك أن «كل كلمة» مسؤولة عنها قانونياً في حال ثبوت عدم صحتها، وهذا كفيل أيضاً بردع أذرع تلك المنظمات الموجودة في دول الخليج العربي. والرد على تلك التقارير المضللة لابد له من عملية «رصد» كبيرة، وهذا ما يركز عليه الجزء الثاني من توصية المؤتمر، فهذا الرصد هو الخطوة الأولى في كشف زيف التقارير، ومن ثم اتخاذ إجراءات في التعامل معها، فالتغافل أو السكوت عنها بحجة أنها كلام غير صحيح هو ما يجعل تلك المنظمات تتمادى في نشر تقاريرها المضللة. علينا أن نتوقف عن الخوف من هذه التقارير، والحزم هو المطلوب في التصدي لها ولزيفها وتضليلها، فنحن في دول الخليج العربي لسنا تبعاً لتلك المنظمات التي بلا شك تدرك ما تبذله دولنا من جهود، ولكنها تحب أن تُغرق منجزاتنا في بحر الظلمات عبر تقاريرها الكاذبة والمضللة والتي لها مآرب أخرى لا علاقة لها بحقوق الإنسان.