أحدثت شبكة الإنترنت ثورةً تقنية هائلة أدت إلى سهولة جمع المعلومات ورصد الأخبار والتواصل مع الأفراد والمؤسسات من كافة أنحاء المعمورة، ومما لاشك فيه أن هذه الشبكة المعلوماتية قد أثرت بشكلٍ كبير في أنماط الحياة وعملت على ابتكار أصنافٍ جديدة من المعاملات الشخصية والتجارية. وهذه التطورات تجعل شبكة الإنترنت عرضةً للاستغلال السيء مما استدعى سن القوانين والتشريعات في مملكة البحرين لوضع قواعد تنظم عملية استخدام وإدارة المواقع الإلكترونية ومحتوياتها. وقد صدرت قوانين متصلة بشبكة الإنترنت وهي: المرسوم بقانون رقم «28» لسنة 2002 بشأن المعاملات الإلكترونية، وقانون الاتصالات الصادر بالمرسوم بقانون رقم «48» لسنة 2002، والقانون رقم «60» لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات. وقد تناولت عدة قوانين المسائل المتعلقة بشبكة الإنترنت كالقانون رقم «58» لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، وقانون الطفل الصادر بالقانون رقم «37» لسنة 2012. كما أن مملكة البحرين بصدد المصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقد أُعد مشروع قانون لهذا الغرض وأُحيل إلى السلطة التشريعية بقرارٍ من مجلس الوزراء في شهر نوفمبر الماضي. إلا أن التشريعات الوطنية والاتفاقيات التي تبرم في نطاقٍ إقليمي لا تكفي للقضاء على تلك التجاوزات، خاصةً وأن تلك الآفات البغيضة تشكل وسيلة سهلة للفتك بالمجتمعات وقيمها ومقدراتها.
وتعتبر اتفاقية «بودابست» الخاصة بالجريمة الالكترونية لعام 2001 أهم اتفاقية دولية نافذة تُعنى بمكافحة جرائم الحاسوب، حيث تم اعتماد هذه الاتفاقية في إطار مجلس أوروبا وهو منظمة أنشئت في عام 1949 وتضم جميع دول أوروبا بما فيها دول الاتحاد الأوروبي. وقد تم بموجب هذه الاتفاقية حصر عددٍ من الجرائم ومن بينها الجرائم الماسة بخصوصية البيانات، وجرائم التزوير والنصب الخاصة بآلة الحاسوب، وجرائم التعدي على حقوق الملكية الفكرية والحقوق المجاورة.
وقد نصت المادة «37» من اتفاقية «بودابست» على أنه يجوز للجنة الوزارية بمجلس أوروبا توجيه الدعوة لأي دولة ليست عضواً في المجلس للانضمام إلى الاتفاقية. وتضم قائمة الدول المصادقة على هذه الاتفاقية «8» دول غير أوروبية من بينها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكندا وأستراليا. وهناك أيضاً البروتوكول الإضافي لاتفاقية «بودابست» بشأن تجريم الأفعال ذات الطبيعة العنصرية وكراهية الأجانب عن طريق أنظمة الحاسوب.
وحيث ان التعاون القضائي والقانوني في مجال مكافحة جرائم الحاسوب يعتبر شأناً دولياً وليس شأناً إقليمياً، فإنه لا بد أن يتم - في إطار الأمم المتحدة - إعداد اتفاقية دولية تُعنى بتلك الجرائم، وذلك على غرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والتي انضمت إليها مملكة البحرين في عام 2004.
ولا بأس في الاستعانة بالاتحاد الدولي للاتصالات - وهو أحد الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة - ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالإضافة إلى الخبراء المختصين لتقديم المساعدة الفنية اللازمة قبل وبعد دخول الاتفاقية المقترحة حيز النفاذ. ويُراعى عند إعداد الاتفاقية المقترحة إضافة نصٍ يفسح المجال لتحديث قوائم جرائم الحاسوب وتصنيفها وتعريفها - بعد موافقة الدول الأطراف في الاتفاقية المقترحة - نظراً للتطور التقني المستمر.
أذكر أنني سمعت عن شبكة الانترنت لأول مرة من خلال برنامج « لقاء الجمعة» الذي كان يُذاع في منتصف التسعينيات، وكان مقدم البرنامج آنذاك الأستاذ إبراهيم بشمي. ولم أدرك حينها أن هذا الأداة التي ابتكرها الغرب - قبل سنواتٍ من طرحها في الأسواق - ستصبح لاحقاً في متناول يد الجميع وبأسعارٍ تنافسية.