يبدو بالفعل أننا بحاجة إلى دعوات أمهاتنا وجداتنا المستجابة، حتى ننجو من القفز بمظلة عطلانة في الانتخابات النيابية القادمة، فما دمنا وصلنا إلى الشتم والسباب داخل بيت الشعب، فعلى المجلس السلام..
لن أغوص في أغوار ما حدث مؤخراً بين أحد النواب وأمين عام مجلس النواب، والذي وصل إلى مراكز الشرطة، حتى أثقل على «أحباب قلبي» أصحاب السعادة، وأعكر مزاجهم في «الويكند»، وسأكتفي بهذين السطرين، من حيث الغرض والمضمون على أمل أن تصل رسالتي، فتصحي ضمائركم.
فهل وصلت الرسالة؟ وهل فهمتم فحواه؟
والآن وحتى لا أضيع وقتي ووقتك عزيزي القارئ فيما لا يستحق، اسمح لي أن ألج إلى صلب المقال..
التصق أنفي بشاشة الكمبيوتر، ثبتُ جيداً نظاراتي الملقاة على وجهي، محاولاً التحقق مما قاله وزير خارجية سوريا وليد المعلم، والذي اعتبر فيه إرسال المملكة العربية السعودية لقوات برية إلى سوريا لمحاربة تنظيم الدولة «داعش»، عدواناً وتدخلاً في الشأن السوري!!
«الوليد» تحدث في المؤتمر الصحافي بكل عنجهية فرس البحر المغتر بحجمه، فقدم لنا العقلية المصابة بـ «الشيزوفرينيا» أو التي تمر بحالة من «العته السياسي»، وتعيش حالة انفصام فكري ونفسي، وتقوقع حول الذات، منعها من مشاهدة الواقع، وما صاحبه من تغير طرأ على الساحة الإقليمية في عصر «سلمان الحزم»، فقد تغيرت موازين القوة، وتحولت الكفة، وأصبحت دول الخليج العربي، أسياد العالم، يحسب لهم ألف حساب، ليس لحجم أموالهم، أو إنتاجهم النفطي، ولكن لقوتهم وحزمهم واتحادهم.
انهمر في صب جام غضبه على دول الخليج في حال تدخلهم برياً في سوريا، محذراً إياهم من إرسال جنودهم في صناديق خشبية إلى بلاده.
يا سبحان الله في خلقه، «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون».
بودي أن أسأل «وليد» السياسة السورية، سؤال واحد فقط:
ما هو تعريفك للنظام الإقليمي؟
أليست سوريا جزءاً لا يتجزأ من الأمن العربي، وبالتالي ومع تفاقم حدة الإرهاب على أراضيها، حتى بات وضعها الأمني يشكل تهديداً ليس إقليمياً فحسب، بل وعالمياً، ألا يستلزم ذلك تدخلاً فورياً وعاجلاً من منظومة تجمعها وحدة اللغة وبقعة جغرافية مشتركة، لإزالة كل أوجه التهديد، تدعى منظومة الأمن الإقليمي العربي.
وإذا كنت يا «وليد» تعتبر دخول قوات برية عربية إلى سوريا للمساعدة في القضاء على «داعش»، تدخلاً في الشأن السوري، فماذا تسمي وجود الحرس الثوري و»لواء الفاطميين» الأفغاني، وميليشيا حسن زميرة، هل جاؤوا للشام لزيارة مقام السيدة زينب؟! وهل وجود الجيش الروسي في سوريا للاستجمام والسياحة في ريف حلب؟
يا للعجب، أي نقطة حياء سياسي ظلت في وجه النظام السوري، بعد أن انكشفت سوءة «محور الممانعة» «بالنون وليس بالتاء»..
سنون عجاف ست، مرت على السوريين ونحن نصرخ على زحام الشهداء الأبرياء، ونبكي كل يوم على طوابير اللاجئين السوريين، عزاؤنا الوحيد أحياناً، أننا كنا نفرح بالطائرات الإيرانية التي تحط في مطار طهران محملة بنعوش الحرس الثوري، وكم تمنينا السائل الأحمر اللي اسمه الدم والذي يجري في عروقك وعروق نظامك الساقط وأدواته العتيقة البالية، أن يثور لهذا الكم من الضحايا، ولكنكم كالحشرات المتطفلة، لا تملكون نقطة دم.
وهذا ما جعلك تستهزئ على خبر إرسال قوات خليجية لسوريا وترسل النكت، معتبراً الأمر مزحة!!
لا يا برميل السياسة السورية، ليست مزحة:
وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزود