التقرير الذي أصدرته منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش» لعام 2016 عن البحرين قبل أيام قليلة، استند في مزاعمه إلى أرقام واحصائيات حول ما أسمته «سوء معاملة المُحتجزين في البحرين خلال 2015 يُقوض ادعاءات الإصلاح»، ولا أعلم حقيقةً مصدر تلك المعلومات التي ارتكز عليها هذا التقرير، ثم إن هذه المنظمة التي أصدرت التقرير– من بيروت – أشارت من خلاله إلى تحقيقات فريق «هيومن رايتس ووتش» خلال 2015، التي نتجت غالباً عن شراكة وثيقة مع النشطاء الحقوقيين في الدول المعنية، والسؤال هنا؟ من هم هؤلاء النشطاء الحقوقيون الذين خرجوا لنا بهذا التقرير الذي تناول في جزء منه الشأن البحريني؟ ثم إن هذا «الفريق» من أين استسقى إحصائياته المذكورة؟ فإن كانت من جهة رسمية أو منظمة حقوق أهلية فلماذا لم تذكر أسماء تلك الجهات؟
إن أي معلومات لابد أن تستند إلى مصدر معلوم، وهذا هو المعروف والمتعارف عليه وحتى في حال إثبات تهمة فلابد من دليل واضح على وقوعها، وبالتالي فإن ما قدمه ما أسمته المنظمة بـ «فريقها» من معلومات وإحصائيات لابد أن تستند على مصدر معلوم إن أراد العقلاء تصديق تلك المعلومات، أما في حال نفيها من الجهة المعنية فبالتأكيد ستكون هناك معلومات توضيحية تناقض معلومات «فريق المنظمة».
وهنا سيتكون لدى «فريق» المنظمة معلومات من الطرفين المعنيين بتلك «المعلومات»، وسيكون الطرح صادقاً لأنه احتوى على مصدر معلوم، وهذا سيدحض أي مشكك – مثلي- في صحة المعلومات التي أوردها «فريق» المنظمة الذي لا نعلم من هم أعضائه أصلاً، ولا الجهة التي ينتمون إليها في البحرين.
ومن الملفت للانتباه أيضاً ما يتعلق بالجملة التي ذكرت في بداية التقرير المتعلق بالبحرين وهي: «.. وجود مزاعم ذات مصداقية ومتناسقة بتعذيب وسوء معاملة المُحتجزين في البحرين خلال 2015..»،.. واتساءل هنا: كيف يكون التعذيب وسوء معاملة المحتجزين مبنياً على وجود «مزاعم»؟! ثم إن المزاعم كيف تكون ذات «مصداقية ومتناسقة»؟! ولو بحثنا عن معنى كلمة «مزاعم» في معاجم اللغة العربية فيشمل معناها: الأُمُورُ الَّتِي لاَ يُوثَقُ بِهَا - ادّعاءات - غير مستقيم - ادعاء لا أساس له «قاموس المعاني».. أي أن هذه الكلمة تدور في إطار ومعنى واحد وهو» الشَّكِّ والظَّنِّ وَما يُعْتَقَدُ أَنَّهُ كَذِبٌ» فكيف تتبع «مزاعم» كلمة «المصداقية»؟! أليس ذلك تناقضاً بين الكلمتين ومعناهما؟
وبعيداً عما ذكر، نعرف جيداً من هي «هيومن رايتس ووتش» وما تعني البحرين لها، فهي لم تنفك عن محاولات كثيرة ومتعددة لتشويه صورة المملكة ومحاولة الزج بها في إتون «المزاعم» والادعاءات الباطلة التي لا صحة لها، وعدم وجود الدليل المادي الملموس على ما تدعيه، ولا تعتمد في تقاريرها إلا على «فريق» مكون من «نشطاء» في حقوق الإنسان ولا أعرف إن كان هؤلاء النشطاء من جماعة أم من فئة سياسية معنية - وهم كثر هذه الأيام - من الذين خلطوا بين العمل السياسي والحقوقي.
إن من لديه أي شيء ضد البحرين فلا مانع من ذكره ولكن بوجود أدلة واضحة يمكن من خلالها فتح تحقيق من الجهات المعنية في المملكة، وكشف كل الأخطاء والقصور ومحاسبة من تسبب فيها إن وجدت، فهذا هو العمل المنصف العادل الذي لا يرفضه عاقل، ولكن أن تكون تلك التقارير مبنية على مجرد «مزاعم» وغير مسنودة على دليل فهذا مجرد حبر زائد مسكوب على أوراق بيضاء.