أثار مقالي الأسبوع الماضي «مين يزود» تكدر الكثير ممن قرؤوا المقال، وعبروا عن امتعاضهم من الظروف الاقتصادية التي نمر بها. وعلى ضوء ذلك استلمت مجموعة من التعليقات التي كانت حقيقة محور تفكير وتأمل، فقد كتب لي أحد الإخوان: «حقيقة أنا أملك في جعبتي الفكرية الكثير من الأفكار والخطط التي من شأنها أن تقوم بنقلة نوعية للبلد، ويمكن أن تنقذه من هذا العناء بالاستفادة من مصادر الثروة الطبيعية التي ننعم بها»، وغيرها الكثير من المقترحات النيرة من مجموعة من الأصدقاء والصديقات. وخاتمة كل حوار يأتي سؤالي كالمعتاد: «لماذا لا نقدّم هذه الأفكار إلى الجهات المعنية؟ ولماذا وضع الفرضيات مسبقاً أنها ستكون محل رفض وغير تقدير؟ فلا يحق لأحد منا أن يستهين بأفكاره الإيجابية مهما كان حجمها، وهذا وإن دل فإنما يدل على أن المملكة تمتلك ثورة فكرية من أبناء شعبها لا يستهان بها.
وهنا أستشهد بتصريحات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في حديثه للصحافيين على هامش زيارته لتركيا عام 2010 عندما قال إن «الإصلاح ليس شيئاً ثابتاً نحن نتعلم من التاريخ ونبني على ذلك»، موضحاً سموه أن «الثبات من غير إصلاح شيء غير معقول لأن احتياجات الناس تتغير والأمور على أرض الواقع تتغير أيضاً وعليه يجب أن تتجدد سياسات الحكومات وأن تتجاوب مع التغيير». وأعتقد أنني لم أجد خيراً من هذا رداً على من يقولون إن البلد تفتقر إلى التخطيط.
ونسي أو تغافل البعض أن مملكة البحرين لديها رؤية اقتصادية 2030 ولديها أهداف استراتيجية تحاول بكل جهدها أن تطبقها. وإنما السؤال الذي يطرح نفسه هل الرؤية آخذة في الحسبان التدهور المهول لأسعار النفط على مستوى منطقة الخليج العربي ككل؟ وهنا لا بد أن نوضح للشعب عن الخطط البديلة وذلك كي لا تتحطم أحلامه وآماله من خلال ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي.
وللعلم أن تلك الهزة الاقتصادية تشمل العالم كله وليس حصراً فقط على منطقة أو بلد. لذلك كان لابد لهذه الدول والأقاليم أن تأخذ مجملاً من الإجراءات فيما يخص التقليل والتقنين في استخدام النثريات التي تضاف على الموازنة العامة للبلد. ولكن ما لفتني حقيقة، وشكّل لي صدمة إيجابية هو البيان الحكومي الذي صدر أمس عن جلسة الاجتماع الوزاري لإقليم كردستان العراق والذي يهدف في المقام الأول إلى حماية المواطن ذي الدخل المحدود، حيث ينص القرار على تقليل الكثير من الامتيازات التي تتمتع بها بنسبة 70 إلى 75 %. فنحن جميعاً أبناء الشعب مخلصون لبلدنا أوفياء لقيادتنا الحكيمة، ونحن مع بلادنا في خيرها وفي عسرها.