قبل أن نلج في صلب المقال، دعنا أولاً نعبر عن وقوفنا وتضامننا مع حاضنة الإسلام، ورائدة الأمة العربية، وقائدة التحالف العربي والإسلامي، الشقيقة الكبرى، المملكة العربية السعودية، ضد هجوم الجمعة الإرهابي، والذي استهدف أرواح الأبرياء الآمنين في مسجد الإمام الرضا بالأحساء، ونفذته أيادٍ آثمة وخبيثة وفاجرة، لا تراعي حرمة بيوت الله، ولا علاقة لذلك لا بالإسلام ولا بالمسلمين، هي أقرب ما تكون، أدوات طيعة في أيدي من يريدون زعزعة الاستقرار والأمن في دول مجلس التعاون، وتحديداً السعودية والبحرين والكويت، وأحداث فرقة وفتنة بين أطياف المجتمع الواحد. خطاكم الشر يا أهل السعودية، ونسأل الله أن يرحم موتاكم، ويشفي جرحاكم، ويؤمن خائفكم، وينصركم على عدونا وعدوكم. وبعد.. بعد لبنان والعراق واليمن وسوريا والبحرين، ها قد بدأ الكيان الصفوي المحتل بنشر الفتنة الطائفية في الجزائر، فقد بدأت رائحة مخططه تفوح في أرجاء البلاد، مع بدء تعيين الإيراني أمير الموسوي في السفارة الإيرانية في الجزائر قبل عامين. في الأيام القليلة المنصرمة شن ناشطون جزائريون على شبكات التواصل حملة لطرد الموسوي، بتهمة محاولة نشر «التشيع» تحت غطاء التقارب بين البلدين في المجال الاقتصادي. الموسوي – وما أدراك ما الموسوي - بدأ مخططه الصفوي عبر شعار «من المدرسة المصالية إلى المدرسة الخمينية»، ونجح خلال أقل من عامين في تشييع أكثر من 300 جزائري، وسيلته في ذلك شبكة الإنترنت، والتي أنشأ من خلالها مواقع عدة تخاطب الجزائريين، وتدعوهم إلى التشيع، مستشهداً ببعض المجلات والدراسات «المفبركة»، والتي تبين أن الجزائر كانت شيعية ومهد الدولة الفاطمية. ولمن يجهل من هو أمير الموسوي والذي يصنف نفسه على أنه خبير استراتيجي، وشغل سابقاً منصب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية في طهران، عرف عنه ظهوره في وسائل إعلام شهيرة كـ «الجزيرة»، مدافعاً عن الميليشيات الشيعية الطائفية الموالية لإيران، كـ «حزب الله» اللبناني، و«الحشد الشعبي» العراقي، ونظام الأسد، وجماعة «الوفاق» في البحرين، ولديه شبكة من العلاقات مع رموز سياسية وشيعية في البحرين، من بينها قيادات من «الوفاق»، بجانب علاقاته المتشعبة في كل من الكويت وعمان، اختفى عن شاشات التلفزيون والفضائيات قبل نحو عامين، ليظهر بعد ذلك في الجزائر كملحق ثقافي في السفارة الإيرانية. للأسف، ما نلمسه الآن من بعض قيادات الدول العربية أنها لا تستلهم العبر من تجارب الآخرين، ولا تتعلم مما أصاب الدول الأخرى من مصائب على يد الإيرانيين، ويبدو بالفعل أن قيادات تلك الدول اختارت الوقوع في الخطأ لتتعلم!! المخطط الصفوي ليس بالأمر السر وليس اتهاماً مزوراً، يدخل في سياق «نظرية المؤامرة»، بل حقيقة لا خيال، وواقع وليس مؤامرة، يجول هذا المشروع في أوطاننا العربية، ينتقص من عرى الإسلام، وعقيدته، وتاريخه، ورموزه، وليس هناك شك بوجوده، وذلك بعد أن أصبح لأذنابه في الخليج اليوم صوت مرفوع، وإعلام مسموع، يذكي الفتنة، ويكشر العداء، ويصبح ويمسي في عداء وهجاء كل من يهاجم ملالي قم، والسكوت عن هذا المشروع هو عين الفتنة، وخيانة لواجب النصيحة ولعروبتنا وديننا. خطر المد الصفوي الفارسي يزداد يوماً بعد يوماً، فكلما شعر «الولي الفقيه» قرب نهاية مشروعه في سوريا، بسبب الثورة، والتي تنذر بنهاية مشؤومة لنظام الأسد، وفي اليمن، بسبب الانتصارات التي حققتها «عاصفة الحزم»، ضد ميليشياته، وحتى في العراق تتصاعد الثورة الشعبية من خلال العشائر على أذناب إيران، كلما استفحل شرّه وازداد خطره، وبدأ مشوار البحث عن موطئ قدم جديدة في دول عربية أخرى. حاول في مصر، ففشل، ومن قبلها في السودان والمغرب والأردن وتونس وغزة، وحتى في أفغانستان ونيجيريا وكينيا وتنزانيا، واليوم نشاهد محاولة أخرى لهذا المخطط المجوسي في الجزائر. يجب أن يعي ويعلم الشعب الجزائري الشقيق، أن المشروع الصفوي الفارسي ليس دينياً أو مذهبياً، كما يريد أن يصوّره البعض، ويحلوا له تسويقه، بل هو مشروع عنصري، طائفي، حاقد، معادي لقيم الدين والعروبة، ويهدّد السلم والأمن القومي العربي، والسكوت عن هذا المشروع، سيجعل من الجزائر مستنقع للفتنة الطائفية وسيناريو شبيه لسيناريو العراق وسوريا واليمن ولبنان، والعرب ليسوا في حاجة أن يخسروا دولة في قيمة وعظمة وثقل الجزائر، كما خسروا من قبل العراق. «ألا هل بلغت، اللهم فاشهد»..