لا تطلب من أمة فقدت الثقة في الأمريكان، بعد أن ظلت لسنين طويلة مغرقة بأكاذيب تأتي من البيت الأبيض تقول بأن الولايات المتحدة حليف رئيس للخليجيين، أن تصدق من جديد أي شيء يأتي من ريحتهم. «ابسلوتلي» لست محتاجاً عزيزي القارئ لأن أذكرك بأنني لست من المعجبين بالسياسة الأمريكية وبالذات في عهد باراك أوباما، فهو رئيس أقرب لبائع كلام، ليس عنده ما يقدمه - أو بالأحرى - ما يلتزم به تجاه حلفائه الرئيسيين، وبالأخص في قضية التصدّي لتصرّف إيران المزعزع لاستقرار المنطقة، سوى الكلام، فالجميع يعرف شيئاً واحداً، وهو أن أوباما لن يفعل ولا ينوي أن يفعل شيئاً، وأن هاجسه الرئيس كان الحصول على «الاتفاق النووي»، وقد تم، وبعد ذلك لا يهمّه إن كانت إيران ستلتزم بالاتفاق أم يشتعل الخليج. شخصياً، لو سألتني عن السبب الرئيس الذي يجعلني ناقماً على «رعاة البقر» وسر شعوري بالقرف من سياستهم، سأعدد لك الكثير من جرائمهم، لكن من وجهة نظري أبرزها، غزوهم للعراق، وتفتيتهم لجيشه، ومن ثم تسليم عاصمة الدولة العباسية على طبق من ذهب لإيران. دعنا نلج إلى صلب المقال.. السبت الماضي حطت أقدام وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري في الخليج وتحديداً في «الرياض» وخلال لقائه بنظرائه من دول مجلس التعاون عرض عليهم تطبيع العلاقات مع إيران، وخاصة المملكة العربية السعودية، دون حتى أن يقدم أيّ ضمانات تلزم طهران بوقف تدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والكف عن اللعب بورقة الطائفية، واستخدام قنبلتها المذهبية أسوأ استخدام، معولاً على كلامه في اعتذار علي خامنئي وما أبداه من أسف على اقتحام السفارة السعودية. لا نريد أن ندخل الآن في جدل بيزنطي ينسينا صلب المقال، لكن بالتأكيد أتفق معك عزيزي القارئ ومع القاعدة الفيزيائية التي تقول إن «الوقاحة الأمريكية تعدت كل الحدود»، حتي باتت تفاخر بعلاقتها بـ «الولي الفقيه»، دون مسحة خجل، وكأنه أمر عادي، وهي تطلب في نفس الوقت من الخليجيين التعايش مع هذا الوضع الجديد بكل أريحية ودون أدنى اعتراض، ولكن أيضاً لا تنسى يا عزيزي أن القاعدة التاريخية تقول: «الأمريكان «ملهمش» أمان». بالمناسبة، التغير في السياسة الأمريكية – الإيرانية، تصادف مع إعلان شركة «إيرانسل» للاتصالات الخلوية، التي يمتلك الحرس الثوري جزءاً كبيراً من أسهمها، حذف نغمة «الموت لأمريكا» من قائمتها، وحسب معلومات أولية، جاري حالياً إعداد نغمة بديلة اسمها «نموت في أمريكا». يا محاسن الصدف.. الوزير كيري، أو من أرسله، كان يظن، وكثيراً من ظن السوء هو من فعل «الشيطان الأكبر»، أن دول الخليج ستتقبل هذا الوضع وستسارع على الفور إلى تنفيذ الأمر الصادر من البيت الأبيض وهي تقول: «سمعاً وطاعة سيدي». لم يخطر بباله أن زمن الأوامر الأمريكية لدول الخليج في زمن «سلمان الحزم» ولى إلى غير رجعة، وأن السعودية – بالذات - لن تصمت على هذه الوقاحة، لذا وقف وزير الخارجية الدكتور عادل الجبير «يحجي» ويقول و«إذا حجى الجبير الكل ياكل تبن»: «إيران لا تزال تدعم الإرهاب (...) تصريحات المسؤولين الإيرانيين هجومية ولا نعلم مدى مصداقيتها والسعودية والدول العربية مستعدة للدفاع عن شعبها وأرضها». امر غريب، لا أدري، لماذا كلما «حجى» د. الجبير أشعر بالعزة والفخر وكأنه وزير خارجيتنا، بالتأكيد، أليست السعودية هي الشقيقة الكبرى.. الجبير استبق زيارة كيري للمنطقة بنشره مقال في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية كتب قائلاً: «إن العالم يقف مراقباً لإيران بحثاً عن أي مؤشرات تدل على وجود تغيير، لتتحول من كونها دولة مارقة وثورية إلى عضو محترم في المجتمع الدولي. إلا أن إيران عوضاً عن مواجهة العزلة التي تسببت في حدوثها لدولتها، لجأت إلى تعتيم سياساتها الطائفية والتوسعية الخطيرة، إضافة إلى دعمها للإرهاب». يعني خلاص، الكلام بح..