ما هو واقع الخطاب الديني الحالي في وسائل الإعلام البحرينية؟ ربما كان الاختلاف في الخطاب الديني الحالي في مملكة البحرين انعكاساً للواقع الخاص للبيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية في البحرين حيث حالة من الاستقطاب المذهبي نتيجة الأحداث التي وقعت عام 2011، وهي أحداث فاصلة في تاريخ هذا الخطاب بتعدداته المتوائمة والمتعايشة منذ القدم قبل هذا التاريخ، وربما كانت الوقائع السياسية داخلياً وخارجياً عاملاً ضاغطاً أدى إلى هذه النتيجة التي لم يكن يتوقع أن تصل إلى هذا الحد، فالانتماء المذهبي دينياً وجد من يتلقفه من خارج الحدود ويحاول سلخه عن الانتماء الوطني لتحقيق أغراض ليست في المصلحة الوطنية ولكنها بطبيعة الحال تخدم المصلحة الخارجية سواء كان ذلك مقصوداً أو غير مقصود، فالتجاذب السياسي الذي كان يطفر بين الحين والآخر، وعلى فترات متباعدة منذ عام 1971، كان في أغلبه سياسياً ولم يكن للخطاب الديني المذهبي توجهاته أو لغته الحادة التي تستثير النعرات الانتقامية على أساس «طائفي» وغيرها، إذ كانت الأيديولوجية الوطنية حاجزاً في وجه هذا المنحى حتى جاء فبراير 2011، وما أثاره من أطروحات إقصائية جعلت أتباع المذهب الآخر يتبنون خطاباً مواجهاً للرد على هذا الطرح السياسي الجديد، وبغض النظر عن جدلية «القصدية» في خطاب فبراير 2011 إلا أن ما أحدثه من شرخ طائفي قد وقع بالفعل ولايزال يتفاعل داخلياً، ويتماهى «خارجياً» مع أطروحات إقليمية ودولية تتحقق فيها قصدية التوجيه بغرض «تفتيت» الدولة الوطنية بغض النظر عن حجمها الجغرافي!! أو بغرض الاستئثار واستحواذ لطرف على حساب أطراف أخرى، ولا يختلف الخطاب الديني الحالي في البحرين من حيث تعدد مداخله وأطروحاته وحتى خصائصه المعمقة لأزمته الراهنة بما يجعله غير موات لمرحلة الأزمة أو المرحلة الحضارية أو الانطلاق نحو التنمية، فلاتزال الرؤى منكفئة على أحكام ورؤى تاريخية غير محققة أو مختلف عليها، وهي في حيرة بين التقدم إلى الأمام والأخذ بـ «التحديث» الفقهي، وبين استمرار لمراوحة في مساحة من الاجتهاد المغلق، واجترار القديم سواء كان ذلك على المنابر أو في المنصات التعليمية الأولى بدءاً من المحضن الأول وهو الأسرة، ومروراً بالمدرسة والجامعة أو كانت المعالجة عبر وسائل التبليغ في الإعلام بأنماطها التقليدية والحديثة. يتبع.