تتعالى الأصوات التي تطالب المجتمع الدولي بوضع حد للتصرفات الطائفية البغيضة التي يمارسها ما يسمى بـ «جيش الحشد الشعبي» العراقي ضد مناطق سنية في العراق، وتحديداً تلك التي تجاور إيران، وذلك بعد أن انكشف مخطط هذا «الحشد» الطائفي في تهجير السنة من مناطقهم وإحلال شيعة مكانهم في تغيير ديمغرافي متعمد مصدره إيران، الداعم الأولى لهذا «الحشد» الذي أسس بتوجيهات القابعين في طهران على يد الموال لهم آية الله علي السيستاني في 2014. جرائم الحشد الشعبي لا تقل فظاعة عن جرائم تنظيم الدولة «داعش»، من حيث استهداف الأبرياء والتنكيل بالعزل، وفق مذابح ممنهجة يتم فيها إعدام المواطنين السنة في محافظة ديالى، وتفجير المساجد السنية وبخاصة في قضاء المقدادية الذي يقطنه نحو نصف مليون مواطن، وذلك ما دفع رئيس «المنظمة الأوروبية لحرية العراق»، «EIFA»، استراون استيفنسون إلى مطالبته رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بوضع حد لتقاعسه عن مواجهة قوات «الحشد الشعبي»، مشدداً على ضرورة قيام التحالف الدولي ومجلس الأمن باتخاذ تدابير حازمة مع البلدان الأخرى في المنطقة لإحباط التدخلات الإيرانية في العراق. وربما دفع هذا الضغط «البسيط» الحكومة العراقية إلى منع قوات «الحشد الشعبي» من التدخل في معركة الأنبار الكبرى التي دارت رحاها بين القوات الحكومية و»داعش»، وذلك بسبب ما أقدمت عليه ميليشيات «الحشد» من جرائم في مناطق مثل تكريت وصلاح الدين بعد استهداف أهالي تلك المناطق ذات الأغلبية السنية، وكأن الأهالي لم يلبثوا أن يتحرروا من بطش «داعش»، حتى يبتلوا بطائفية «الحشد الشعبي» التي ربما هي أسوأ من «داعش». الحشد الشعبي - الذي تأسس بناء على دعوة للتطوع وجهتها المرجعية الشيعية للتصدي لـ «داعش» - يعمل بأوامر من إيران ويتألف من مئات الآلاف من الشباب الشيعي العراقي الذين ينضوون في أكثر من 42 فصيلاً، وهذا التنظيم يوحي بأن هؤلاء ليسوا مجرد «فزعة» لظرف ما، وإنما هو تنظيم عسكري بحت، أسس على مرأى ومسمع من الحكومة العراقية، ليصبح للعراق جيشان، جيش تقليدي يتبع نظام الدولة، وجيش طائفي تأسس في نفس الدولة، وهنا نسأل: أين الدولة؟! الأصوات التي طالبت بحل هذا «الحشد» برزت بوضوح في الفترة الأخيرة خاصة بعد تفجيرات طالت 10 مساجد سنية في المقدادية «حتى الآن»، وإعدام 90 شاباً من أهالي المقدادية أيضاً، وهذه المعلومات أكدها تقرير «المنظمة الأوروبية لحرية العراق» الذي طالب المرجعية الشيعية بقيادة علي السيستاني بالتدخل الفوري لحل «الحشد»، على وجه السرعة، ومنع أعماله التي وصفها التقرير بالوحشية. أصوات أخرى دعت إلى حل «الحشد الشعبي»، ربما أبرزها ما صدر عن رئيس الوزراء العراقي الأسبق ورئيس ائتلاف «العراقية»، إياد علاوي، الذي طالب بانضمام مقاتلي «الحشد» إلى صفوف الجيش والشرطة العراقية، لينضوي تحت ضوابط التجنيد الرسمية، وأيضاً تصريحات مفتي الديار العراقية، رافع طه الرفاعي، الذي وصف أعمال الحشد الشعبي في منطقة ديالي بـ «المجازر الطائفية ضد السنة»، مشدداً على أنه «على المرجعيات الشيعية، التي منحت تلك الميليشيات الضوء الأخضر لفعل ما تشاء، أن تصدر فتوى أخرى، بحلها». إن كان العراق الذي اختطف طائفياً عبر كيانات مثل «الحشد» يرغب في الخروج من النفق الطائفي المظلم الذي دخل فيه، فعليه أن يحل وينهي هذا التنظيم الطائفي، وأن ينخرط العسكريون التابعون لهذا التنظيم في الشأن العسكري الرسمي سواء في الجيش أو قوات الأمن الداخلي، وأن يقفوا صفاً واحداً مع القوات الحكومية في محاربة الكيانات الإرهابية مثل «داعش»، لا أن يصبح للدولة جيشان اثنان، حتى لا يصبح العراق لبناناً آخر!