إذا صدق حدسي، وقامت واشنطن بترقية إيران من دولة مارقة ترعى الإرهاب، إلى رتبة حليف استراتيجي «أول» في المنطقة، ومن يجادلني في هذه الحقيقة، يا إما مغفل ساذج، أو عقله مصاب بفيروس معدٍ يعيقه عن التفكير، ولا يدري ما يخرج منه.
هذا الدرس يعلمك أن الأمريكيين مثل العقارب ليس لهم صاحب، ورغم عظمة دولتهم إلا أن «المتغطي بهم عريان»، لأن أصلاً الغطاء الأمريكي عَوَارِيّ، أي غطاء غير دائم أو مأمون.
طيب، هل بعد هذه الترقية سينصلح حال الولي الفقيه، ويفتح الاتفاق النووي الطريق لعالم أكثر أماناً، وشرق أوسط أكثر استقراراً، خالٍ من الإرهاب؟
هل من شأن هذا الاتفاق أن يقوم سلوك طهران ويجعلها تلعب دوراً إيجابياً في استقرار المنطقة، ويفرض عليها التعامل مع جيرانها، وفق مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الآخرين؟
سأترك لك الإجابة على هذا السؤال بعد أن تلتقط أنفاسك قليلاً، وأمضي في سبيلي إلى سؤال آخر، ولكن قبل أن أقفز إلى نقطة أخرى دعني أقول لك إنه ليس من قبيل الصدفة أن يستبق قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري رفع العقوبات بإعلانه الأخير أن إيران تدرب 200 ألف مقاتل في خمس دول تحيط بها، هي سوريا والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان، والغريب أنه لم يأت على ذكر ميليشيات «حسن زميرة» في لبنان، وكم كنت أتمنى أن يخبرنا بعدد عناصره في البحرين والكويت، لكن على كل الأمر ليس «بفزورة» فالكل على علم بعملائهم في المنطقة.
إذا كنا نريد أن نفهم حقيقة ما يحدث لكي نخرج بنتائج توصلنا إلى بر الأمان، فعلينا أن نطرق أبواب جميع الأسئلة، وأهمها، ماذا يمكن أن تصنع إيران بالمليارات التي ستستردها من الخارج بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها؟
فحسب الاتفاق الأمريكي، فإن إيران ستسترد خلال الساعات القليلة القادمة 50 مليار دولار دفعة أولى من أصل مائة مليار دولار من أموالها المجمدة في الخارج.
في اعتقادك ماذا يمكن أن يفعل المسعور الولي الفقيه بكل هذه المليارات؟ تخيل أي شيء، إلا أن يصرفها على الشعب الإيراني الذي يعيش 90% منه تحت خط الفقر.
يا مصيبة سودا، إيران تحت العقوبات الدولية تمكنت من احتلال أربع عواصم عربية، يا ترى كم عاصمة عربية ستسعى لاحتلالها بعد المليارات الكثيرة التي تدفقت على خزينتها؟
الطريف في الأمر، أن إدارة باراك أوباما اعتبرت رفع العقوبات عن طهران بعد تطبيق الاتفاق النووي، هو انتصار للجناح المعتدل في إيران برئاسة حسن روحاني!
يا عيب الشوم، روحاني الذي أعدم في السنتين الأوليتين من عهده، أكثر من 1200 سجين إيراني، بات معتدلاً!
روحاني الذي ساهم في اشتعال شرارة الخلاف بين السنة والشيعة في المنطقة، وأجج الصراع فيما بينهم عبر دفعه لميليشيات إيران لارتكاب جرائم بربرية يدمي لها جبين الإنسانية في العراق وسوريا، أصبح حمامة سلام في نظر أوباما!
طيب، دعني قبل أن أترجل من صهوة مقالي، أسأل سؤالي الأخير للأمريكيين ببلاهة أو بوقاحة عن سر التحول في العلاقة بين واشنطن وطهران والتي تتنافى مع تصريحاتكم الدائمة والأبدية، وكان آخرها في 13 مايو 2015 حين قال أوباما: «إيران دولة متهورة وترعى الإرهاب»، وفي 6 يناير 2016 قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي: «إيران دولة ترعى الإرهاب»، دخيل الله، حد يتطوع ويفهمنا إيه معنى هذه التصريحات وماذا يحدث تحديداً.
شيء من الاثنين، يا إما الولي الفقيه تأمرك، أو البيت الأبيض تشيع!!