قال لنا يوماً الأستاذ والمربي أحمد الغريب رئيس مركز شباب المحرق سابقاً: «نحتاج لإقامة دورات في الأخلاق و«السنع»، من المهم جداً تعليم الأجيال الحالية مبادئ «السنع» و»التكلم بذرابة» و»لباقة»، فكرنا وقتها كثيراً في عدد من السلوكيات قد تكون دخيلة أو مكتسبة من مجتمعات أخرى لا تنتمي للإسلام ولنبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، خير الخلق، كما وجدنا الفكرة جديدة فيما يخص مبادرة الجهات الرسمية أو الأهلية بتنظيمها وهي مهمة للغاية.
سابقاً كان يطلق على الإنسان عديم «الذرابة»، «هيلغ أو حبربش أو البيسر أو السوقي»، اختصاراً لتصرفاته عديمة الحياء والأدب، لكن اليوم للأسف نجد هذه الشريحة في زيادة بشكل غريب في مجتمعنا، ومن المواقف اللافتة للنظر والتي باتت تتكرر عند هذا الجيل أن تجد «أخلاق التعامل»، بين البنات والشباب تغيرت، خاصة في الأماكن التي يكون فيها اختلاط بين البنات والشباب، فنجد أن صوت الفتاة «مرتفع» وهي تكلم الشاب، وقد تتحدث معه بأسلوب «أوفر»، دون مراعاة العادات والتقاليد، وقد تتكلم معه في أمور حتى «النسوان» بين بعضهن البعض يصيبهن الحياء منها، وعندما نأتي بالمقابل للشاب نجد طامة كبرى، فهناك الرجل الذي كأنه امرأة، عندما يتحدث «يعقر» بين الفتيات، فمن التعليقات اللافتة للنظر التي بتنا نسمعها وصارت عادية في التداول: «اللبس اليوم ماله حل، المكياج اليوم على وجهك حلو! كأنك ضعفانة، أو متنانة، والله لو حاطة حمرة غامقة على هالمكياج كان أحلى!!»، المشكلة أن الرجل الذي يتكلم بهذه الطريقة ليس رجلاً من النوع الذي قد يظنه القارئ، وأصبح هذا السلوك والخلق للأسف منتشراً، هذه المناظر لو كانت موجودة قبل عشرين سنة لقامت الدنيا ولم تقعد، ولأخذ رجل من «الأياويد» يشاجره بالقول: «وانت شلك بسوالف النسوان؟ ليكون انت مره؟».
حتى في أخلاق الكلام «الذرابة»، باتت مفقودة عند الكثيرين، في طريقة التحدث أو الرد على الأشخاص، وعندما نأتي إلى أخلاق الأسئلة فحدث ولا حرج، ولم يعد الجيل الحالي يدرك «سنع السؤال»، خاصة إن كان الشخص موجوداً في مجلس أو تجمع، فسابقاً كان عيباً جداً أن يسأل أحدهم الآخر عن أمور تخصه أمام جمع من الناس، لأنه لربما هذا الشخص لا يريد الإجابة أمام الآخرين، الكثيرون فقدوا «أدب الاحترام في الحوار»، واستبدلوها بـ«اللقافة»، في توجيه أسئلة فضولية معرفتها لا معنى لها، وهذا السلوك عندما يبتلى به إنسان لا بد أن تجد سلوكه يقترن بـ«العقرة»، بمعنى يتابع أخبار الآخرين و«علومهم»، وبسبب أنه «فاضي»، ينصب نفسه معلقاً على كل شاردة وواردة عنهم.
فيما يخص الأخلاق المتعلقة بالخصوصية، أصبح لا يتحرج المرء عندما يسأل أحدهم عن شخص فيجيب عنه بدلاً من استئذانه أو «ينشر خبراً» عنه، هو لا يريد الناس أن يعرفوه دون مراعاة لخصوصيته أو التأكد أنه لا مانع من قوله للآخرين، وفي أخلاق مصطلحات الكلام بات «عادياً جداً» التلفظ بشتائم وسباب وألفاظ.
يشعر المرء وهو يحاول تدارك تصرفات وأخلاق البعض في التعامل أنه يحاول أن يسد ثقباً اكتشفه في سفينة فإذا به يجد أن السفينة مليئة بالثقوب والعيوب!! الطامة الكبرى أنك تفاجأ عندما تحاول أن تبين أن ما يحدث أمامك ليس من الأدب ولا «السنع»، ولا حتى قوانين التعامل بين البشر بعبارة «انت حساس وايد!!»، حساس أمام عبارات تنطق أمامك، والله حتى أسوأ البشر لا يتلفظون بها في حياتهم اليومية العادية؟ في دول الغرب الذين لم ينعم الله عليهم بدستور ينظم حياتهم كما الإسلام ولم يطلعوا على أخلاق رسولنا وما دعا إليه أوجدوا قوانين وتشريعات خاصة في بيئات العمل لمنع التطاول والتعدي اللفظي وما شابه، لذا لا غرابة لمن يتصفح الجرائد يطالع خبراً برفع قضية والحصول على تعويض بألوف وملايين الدولارات لأنهم يدركون هناك أن هذه التصرفات تخالف فطرة التعامل بين الناس والمتسبب مذنب في عرف القانون بما يعني أنه حتى من يتشدق بأخلاق الغرب وعاداتهم، فحتى الغرب هم بريئون مما يفعله!
في مواقع العمل في مملكة البحرين أغلب المشكلات بين الموظفين تدور في هذا الفلك مما يستدعي تشريعاً من أعضاء مجلسي النواب والشورى بتغليظ العقوبات وزيادة التشريعات اللازمة لضمان حقوق الناس ومتابعة تنفيذها، كما تفعل دول الغرب اليوم التي نظمت أخلاق التعامل والألفاظ بقوانين صارمة، كما نعتقد أن هناك مطلباً مهماً من جهات رسمية بالدولة، لاسيما وزارة شؤون الشباب والرياضة والمراكز والجمعيات الشبابية والمحافظات، بضرورة تنظيم مثل هذه الدورات والورش في «السنع والأخلاق».