عندما قررت مملكة البحرين قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران استبشر المواطنون البحرينيون خيراً، فهذا القرار كان مطلباً شعبياً منذ سنوات، ولكن البحرين تجنح دائماً للسلام، وتعمل وفق حسن الجوار مع إيران، التي لم تحرص على ذلك السلام أو تحترم هذا الجوار، بل ظلت تتمادى في تدخلاتها السافرة في الشأن البحريني والخليجي، إلى أن وقعت في شر أعمالها عندما اعتدت على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد. هذا الاعتداء الإيراني الجبان جعل من البحرين تتخذ لغة الحزم في التعامل مع إيران التي تعلم جيداً أن هذه الاعتداءات هي انتهاك صارخ لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961 وتحديداً المادة 45 من تلك الاتفاقية التي تلزم الدولة في حالة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة أخرى أن تحترم وتحمي مباني البعثة الدبلوماسية وكذلك منقولاتها ومحفوظاتها، ولكن «لأنها إيران» لم تحترم هذه الاتفاقية الدولية، بعدم حمايتها لمبنى السفارة السعودية، وصاحب ذلك تحريض وتهديد وموقف طائفي بغيض ضد السعودية، وغير مستغرب من إيران التي وجدت في إعدام نمر النمر الموالي لها، فرصة لمحاولاتها الفاشلة للنيل من السعودية، فنسفت إيران برعونتها كل ما هو متعارف عليه دولياً ودبلوماسياً وحتى إنسانياً، لتتخذ السعودية عندها موقفها الحازم بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران. إن ذلك القرار البحريني بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران يأتي تجسيداً حقيقياً لوحدة الصف والموقف والمصير المشترك مع دول مجلس التعاون وصولاً إلى وحدة دولنا الخليجية، وهذا ما يؤكد عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون، وهو ما ينبغي أن تكون عليه دول المجلس التي بلاشك لن تقبل بأي اعتداء جبان أو سافر على سيادة دولة خليجية أو تدخل دولة أخرى -إيران أو غيرها- في شؤون دولة خليجية. وهنا لابد من توحيد المواقف بين دول مجلس التعاون، وفي هذا الوقت بالذات، فإيران ليست مجرد دولة تتدخل في شؤون خليجنا العربي، بل تسعى للفتنة وتحاول ضرب وحدتنا الخليجية بأي شكل من الأشكال بلغة استعمارية تتمثل في مبدأ «فرق تسد»، وهذا ما لا يجب أن يكون بين دولنا الخليجية، ولن يكون بإذن الله، فدول الخليج العربي مرتبطة بصلات قربى ودم ونسب بين أبنائها ولا يمكن لدولة قائمة على الطائفية وتتغذى بالكراهية وتصدر الفتنة أن تنجح في مسعاها وأهدافها الحقودة. ثم إن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ليس أمراً جديداً عليها، بل تتعرض هذه الجمهورية لمثل هذه القطيعة منذ أكثر من 30 عاماً، شملت دولاً خليجية وعربية وحتى غربية مثل أمريكا «1980»، وبريطانيا «2011»، وكندا «2012»، إلى جانب مصر «1981»، والمغرب «2009»، بالإضافة إلى السودان واليمن حالياً، أي أن إيران «متعودة دايماً» على مقاطعة دول أخرى لها دبلوماسياً، فهذه عاداتها، ولم تسلم بعض الدول من «عادات وتقاليد» إيران في جلبها للمشاكل، حتى وإن قررت بعضها إعادة فتح سفاراتها، ولكن قرار المقاطعة كان موجوداً. نحن في دولنا الخليجية مطالبين بالحزم أكثر مع إيران، وهذا ما نأمله بحق خلال اجتماع وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون غداً السبت في الرياض لبحث الاعتداءات على المقرات الدبلوماسية السعودية في إيران، وأعتقد أن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران هو بداية لذلك الحزم، فلن نرضى بأن يكون دورنا مجرد «رد الفعل» على ما يأتينا من مشاكل سببها إيران، وإن كانت الريح ستقدم من فارس فحري بـ«بابنا» أن يكون سداً منيعاً يغلق في وجه تلك الريح.