سوف نتحدث في مقالنا عن هندسة السياسة الخارجية البحرينية، وسنقسم المقال إلى أربعة أجزاء، الجزء الأول والثاني يتناولان جوانب من العوامل الخارجية التي تحدد معالم السياسة الخارجية البحرينية في الحاضر والمستقبل، أما الجزء الثالث والرابع فسيتناولان دور الوزارات والمؤسسات المعنية في هندسة السياسة الخارجية البحرينية. وإن الهدف من المقال هو الدعوة للتأمل والتفكر. فمما لا شك فيه أن السياسية الخارجية تختلف من دولة الى أخرى. فهناك عوامل تحدد شكل السياسة الخارجية كالموقع الجغرافي، والوضع السياسي والاقتصادي للدولة، والموارد والإمكانيات التي تملكها بالإضافة إلى حجم الدور الذي تلعبه الدولة في الساحة الدولية، وذلك من خلال عضويتها في المنظمات والتكتلات السياسية أو الاقتصادية. ولا يمكن للسياسة الخارجية أن تظل ثابتة، فالعالم من حولنا يتغير من حينٍ الى آخر، إذ أن هناك قوى جديدة ظهرت وانضمت إلى القوى التقليدية التي حاولت أن تحافظ على مكانتها طوال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية. ومن القوى التي برزت في السنوات الأخيرة مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي - بتشكيله الحالي - ورابطة «الآسيان» والصين والهند. وعلى المعنيين في وزارة الخارجية أن يأخذوا في اعتبارهم العوامل الخارجية عند هندسة السياسة الخارجية لمملكة البحرين في الحاضر والمستقبل. فالمملكة العربية السعودية تلعب دوراً ريادياً ليس في المنطقة فحسب، بل لها أيضاً حضور قوي في الساحة الدولية من خلال الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الدول المصدرة للنفط «الأوبك»، ومجموعة «العشرين» بالإضافة إلى الاجتماعات التنسيقية التي تجمع اللاعبين الأساسيين في الساحة الدولية كتلك المتصلة بأزمتي سوريا واليمن. وقد أصبحت الشقيقة الكبرى مستهدفة من قبل قوى الشر نظراً لمكانتها ووقوفها الدائم بجانب شقيقاتها لرد أي عدوانٍ يهدد أمنها وسلامة أراضيها كما حدث خلال أحداث 2011. ولا ننسى في هذا الصدد وقفات العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله تعالى ورؤيته بشأن انتقال مجلس التعاون من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. كما ننوه بالرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، وخلق تكامل بين دول المجلس في كافة المجالات. وها هي المملكة الشقيقة تقود حالياً قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «إعادة الأمل»، ومن قبلها عملية «عاصفة الحزم»، لدعم الحكومة الشرعية في اليمن، وكذلك التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة التنظيمات الإرهابية وبينها تنظيم الدولة «داعش». إن دعم المملكة العربية السعودية في مساعيها الحثيثة للحفاظ على أمن المنطقة وإيصال صوت العرب والمسلمين إلى العالم وغيرها من الأمور واجب مقدس. وبالنسبة للبحرين والتحالف الآسيوي، فقد شهدت الدبلوماسية البحرينية تحركات نشطة غير مسبوقة توجت بزيارات ناجحة قام بها حضرة صاحب الجلالة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، إلى عددٍ من الدول الآسيوية ذات الثقل السياسي والاقتصادي كروسيا والصين واليابان والهند وباكستان وتايلند وكازاخستان. وقد أكد العاهل المفدى رعاه الله في أكثر من مناسبة على ضرورة بناء تحالف آسيوي يرضي تطلعات شعوب المنطقة ويحقق مزيداً من الأمن والاستقرار والرفاه الاقتصادي والاجتماعي. وأتمنى أن تستمر تلك التحركات الدبلوماسية كونها تخدم البحرين ودول المنطقة لا سيما فيما يتعلق بمواجهة التحديات المستقبلية، ومن الضروري إجراء دراسة معمقة حول كيفية الاستفادة من هذا التعاون في كافة المجالات. ومن الدول الآسيوية التي يمكن توطيد العلاقة معها وإشراكها في المشاورات التي تهم دول المنطقة أذربيجان وأرمينيا المتاخمتين لإيران. وللحديث بقية..